للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الآخَر: أن المعتمر لا يَقطع التلبية إلا في بَدْء الطواف. وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (١).

واستدلوا بعموم قول النبي : «يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ» (٢).

والراجح: أن المعتمر يَقطع التلبية ببلوغه أول حدود الحَرَم؛ لحديث ابن عمر الدالّ على أن رسول الله كان يُمسِك عن التلبية إذا دخل أدنى الحَرَم.

المسألة الثالثة: وقت التلبية للحاج:

لا بد أن نُفرِّق بين حالين للحاج في أمر التلبية:

الأول: أن الحاج إذا أَحْرَم لَبَّى، فلا يَزال يلبي حتى يَدخل أول الحَرَم، فيَقطع التلبية ببلوغه أول حدود الحَرَم.

الثاني: ثم يَعود الحاج إلى التلبية من خروجه من مكة إلى مِنًى في اليوم الثامن، ثم إلى عرفة في اليوم التاسع ثم مزدلفة، ولا ينقطع عن التلبية إلا في يوم النحر عند جمرة العقبة؛ لحديث الفضل، أن رسول الله لم يَزَل يُلبِّي حتى بَلَغ الجمرة (٣).


(١) «الاستذكار» (١١/ ٢٠٣).
(٢) ضعيف: فمدار الحديث على عطاء، عن ابن عباس، واختُلف عليه:
فرواه ابن أبي ليلى، عن عطاء، به مرفوعًا. أخرجه أبو داود (١٨١٠) وقال: ورَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهَمَّامٌ، كِلَاهُمَا عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَوْقُوفًا.
وقد أُعِل هذا الحديث بعلتين:
الأولى: ما قاله الشافعي: وَجَدْنَا حُفَّاظَ الْمَكِّيِّينَ يَقِفُونَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. «معرفة السُّنن» (٧/ ٢٦٨).
الثانية: ما قاله البيهقي: رَفْعُهُ خَطَأٌ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هَذَا كَثِيرَ الوَهْمِ، وَخَاصَّةً إِذَا رَوَى عَنْ عَطَاءٍ، فَيُخْطِئُ كَثِيرًا. «السُّنن» (١٠/ ٣٧).
ولهذا الحديث شواهد، منها:
١ - شاهد عبد الله بن عمرو عند أحمد (٦٦٨٥) وفي إسناده: الحَجَّاج بن أرطاة، لا يُحتج به.
٢ - شاهد أبي بَكْرة، أَخْرَجه البيهقي (٩٤٨٨) وقال: هذا إسنادٌ غير قوي.
(٣) أخرجه البخاري (١٦٧٠)، ومسلم (١٢٨١).

<<  <   >  >>