للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة: انتهاء وقت التلبية في الحج:

اختَلف العلماء على قولين في ذلك:

القول الأول: تنتهي التلبية في الحج عند ابتداء رمي جمرة العقبة يوم النحر. وهذا مذهب الحنفية والشافعية، والحنابلة في رواية (١).

واستدلوا بحديث الفضل، أن رسول الله لم يَزَل يُلبِّي حتى بَلَغَ الجمرَة (٢). فالحديث نص في انتهاء التلبية عند ابتداء رمي جمرة العقبة، وقد جاء من رواية الفضل بن العباس ، وقد كان رديفَه يومئذٍ، وهو أعلم بحاله من غيره.

القول الآخَر: لا يَقطع التلبية حتى يَرمي جَمْرة العَقَبة بأَسْرها. وهو قول لأحمد.

واستَدل بظاهر حديث أن رسول الله لم يَزَل يُلَبِّي حتى رَمى جَمْرة العَقَبة.

ونوقش هذا الاستدلال بأن قوله: (لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) مُفسَّر برواية أخرى عن الفضل، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الجَمْرَةَ (٣).

ويؤيد ذلك ما رواه ابن مسعود قال: رَمَقْتُ النَّبِيَّ ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ (٤).

والراجح: أن التلبية تنتهي عند ابتداء رمي جمرة العقبة يوم النحر.

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: (حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) فمفهومه أن النبي لم يكن يلبي أثناء الرمي، بل كان يُكبِّر؛ لأن ظَرْف الرميِ


(١) «البحر الرائق» (٢/ ٣٧١)، و «المجموع» (٨/ ١٥٤)، و «الفروع» (٥/ ٣٩٥)، و «المغني» (٥/ ٢٩٧).
(٢) رواه البخاري (١٦٧٠)، ومسلم (١٢٨١).
(٣) «صحيح البخاري» (١٦٧٠).
(٤) ضعيف: أخرجه ابن خُزيمة (٢٨٨٦) من طريق شَريك، عن عامر، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، به.
وفي إسناده: شَريك النَّخَعي، سيئ الحفظ كثير الوهم. وعامر بن شقيق لَيِّن الحديث.
وقال الدارقطني: يرويه عامر، وغيره لا يرفعه، والموقوف أصح. «العلل» (١٣/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>