(٢) ضعيف، حديث ابن عباس له عدة طرق، من أهمها (مِقْسَم وعطاء والحسن العُرَنِي). الطريق الأول: طريق مِقْسَم، رواه المسعودي، عن الحَكَم، عن مِقْسَم، عن ابن عباس، به. أخرجه أحمد (٣٠٠٣) (٣٠٠٦) (٣٢٠٣) والترمذي (٨٩٣). وقد أُعِل بعلتين: الأولى: المسعودي، وقد اختَلَط. الثانية: الانقطاع بين الحَكَم بن عُتبة ومِقْسَم، قال البخاري: «حديث الحَكَم هذا عن مِقْسَم مضطرب لِما وَصَفْنا، ولا يُدْرَى الحَكَم سَمِع هذا من مِقْسَم أم لا». «التاريخ الأوسط» (٣/ ٢٠٢). الطريق الثاني: رواه حَبِيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عباس، به، عند أبي داود (١٩٣٢). وعلة هذا الطريق أن رواية حَبيب فيها ضعف عن عطاء. قال يحيى القطان: رواية حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليست بمحفوظة. «الضعفاء الكبير» للعُقيلي (١/ ٤٨٤)، و «شرح علل الترمذي» (٢/ ٨٠١). الطريق الثالث: رواه سَلَمَة بن كُهَيْل، عن الحَسَن العُرَنِيّ، عن ابن عباس، عند أحمد (٢٠٨٢). قال أحمد والبخاري: لم يَسمع الحسن من ابن عباس. «العلل» رواية ابنه عبد الله (١/ ١٤٣)، و «التاريخ الأوسط» (٣/ ٢٠٢). وله طرق أخرى عن ابن عباس لا تخلو من مقال. فالحاصل: أن طرق حديث ابن عباس في النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس- كلها ضعيفة، وتخالف الأسانيد الصحيحة؛ فقد اتفقت الرواة عن ابن عباس على أنه قَدَّم ضَعَفة أهله ليلة المزدلفة، ففي «الصحيحين»: عن ابن عباس ﵄ قال: «أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ ﷺ لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» فهذا هو الثابت عن ابن عباس، وليس فيه النهي عن الرمي قبل طلوع الشمس. قال البخاري: أحاديث الرمي قبل طلوع الشمس أَكثر وأَصح. «التاريخ الأوسط» (١/ ٢٩٧). قال ابن خُزيمة: قَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ أَخْبَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابِي الْكَبِيرِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَلَسْتُ أَحْفَظُ فِي تِلْكَ الأَخْبَارِ إِسْنَادًا ثَابِتًا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ. (٤/ ٤٧٥). فدل ذلك على أن الصحيح عن ابن عباس أن الرسول ﷺ رَخَّص له في الانصراف من مزدلفة إلى مِنًى مع ضَعَفة أهله، والنهي عن رمي الجمرة قبل طلوع الشمس لم يأتِ إلا في روايات مُعَلة، والله أعلم.