للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش بأن الحج مُقيَّد بأَشْهُر معلومات، فكيف يأتي بنسك في غير زمن الحج؟!

واستدلوا بالقياس: فإذا كان يصح فعل طواف الإفاضة ولو بعد سنوات، فكذا الحلق.

ونوقش بأنه لا يصح قياس الحلق على الطواف؛ لأنه أسهل.

والحاصل: أن السُّنة في الحلق هي يوم النحر؛ لفِعله ، وقال: «خذوا عني مناسككم» وبداية وقت الحلق يوم النحر، وآخِر وقت الحلق هو آخِر شهر ذي الحجة؛ لأن الحلق من مناسك الحج، ونهاية شهر ذي الحجة هي نهاية أشهر الحج؛ لقوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧]، ومَن أَخَّر الحلق عن شهر ذي الحجة، لَزِمه الدم.

المطلب الثاني: الميقات المكاني:

أي: لا بد أن يكون الحلق في الحرم؟ أم يَجوز في أي مكان في الحل أو الحرم؟

ذهب جمهور العلماء إلى أن الحلق لا يختص بمكان معين، وإذا حَلَق في أي مكان أجزأه، ولكن يُستحب فعله في الحرم، خاصةً مِنًى. وبه قال أبو يوسف من الحنفية، والمالكية والشافعية والحنابلة (١).

واستدلوا بأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ حَلَقَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْحَلْقِ. وَحُدَيْبِيَةُ مِنَ الْحِلِّ، فَلَوِ اخْتَصَّ بِالْمَكَانِ، وَهُوَ الْحَرَمُ، لَمَا جَازَ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا فَعَلَ بِنَفْسِهِ، وَلَمَا أَمَرَ أَصْحَابَهُ، فَدَلَّ أَنَّ الْحَلْقَ لَا يَخْتَصُّ جَوَازُهُ بِالْمَكَانِ، وَهُوَ الْحَرَمُ.


(١) «المبسوط» (٤/ ٧٠)، و «مواهب الجليل» (٣/ ١٣٠)، و «الإيضاح» (ص: ٣٤٣).
وذهب أبو حنيفة إلى أن الحلق والتقصير مؤقت بمكان، وهو الحرم. «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤١).
واستدل بالقياس، فكما أن الطواف مؤقت بالكعبة، فكذا الحلق لا يكون إلا في الحَرَم.

<<  <   >  >>