للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجْهِي، فَقَالَ: «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ! قَالَ: «فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ … ».

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ احْتَجَمَ- وَهُوَ مُحْرِمٌ- فِي رَأْسِهِ» (١).

وَجْه الدلالة: أن الحجامة في الرأس من ضرورتها أن يُحلَق الشَّعر من مكان المَحاجم، ولم يُنقَل عن النبي أنه افتدى؛ لأن الشَّعر الذي يُزال من أجل المَحاجم لا يماط به الأذى، فهو قليل بالنسبة لبقية الشَّعر.

القول الثاني: تجب الفدية بحلق أكثر من عَشْر شعرات، وإِنْ أَخَذ عَشْرًا فأقل ولم يَقصد به إماطة الأذى، فيجب عليه أن يتصدق بحفنة من طعام. وهو قول للمالكية (٢).

القول الثالث: تجب الفدية بحلق ثلاث شعرات فأكثر. وهو قول للشافعية، والمذهب عند الحنابلة (٣).

القول الرابع: تجب الفدية بحلق ربع الرأس. وهو قول الحنفية (٤).

فالحاصل: أن حلق رأس المُحْرِم لا يخلو من أربع حالات:

الأولى: إِنْ أَخَذ شعرات، فلا يُعَد حلقًا، وليس عليه شيء (٥).

الثانية: إذا حَلَق بعض الرأس لعذر كالحجامة أو مداواة جرح، فإنه لا شيء عليه؛ لأن رسول الله احتجم- وهو مُحْرِم- في رأسه، ولم يُنْقَل أنه فدى.

الثالثة: تجب الفدية في حلق أكثر شَعْر المُحْرِم.

الرابعة: إِذَا خَرَجَ في عَيْنَيْهِ شَعَرٌ، أَوِ اسْتَرْسَلَ شَعَرُ حَاجِبَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ، فَغَطَّاهُمَا، فَلَهُ إِزَالَتُهُ (٦).


(١) رواه البخاري (٥٧٠١).
(٢) «شرح خليل» (٢/ ٣٥٥)، و «حاشية الدسوقي» (٢/ ٦٠).
(٣) «المهذب» (١/ ٣٩٢)، و «الإنصاف» (٣/ ٤٥٦).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٩٢)، و «فتح القدير» (٣/ ٣١)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٤٩).
(٥) يَحرم أَخْذ شعرات من رأس المُحْرِم؛ لأنه نُهي عن حلق شعر رأسه، وهذا يَشمل القليل والكثير، والقاعدة أن امتثال الأمر لا يَتم إلا بفعل جميعه، وامتثال النهي لا يَتم إلا بترك جميعه، لكن الفدية لا تجب إلا بحلق ما يَحصل به الترفه وزوال الأذى.
(٦) «الشرح الكبير على المُقْنِع» (٨/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>