للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث عشر من ذي الحجة، فيَجوز أن يَرمي في اليوم الذي ينفر فيه قبل الزوال. وهذا قول أبي حنيفة في رواية، ورواية عن أبي يوسف، ورواية عن أحمد (١).

واستدلوا بالكتاب والمأثور والقياس:

أما الكتاب، فعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٠٣].

وَجْه الاستدلال: فمَن تَعَجَّل في اليوم الثاني عشر، فرمى الجمار قبل الزوال، ثم خرج من مِنًى، فالآية تَشهد بصحة فعله؛ لأن لفظ (اليوم) يَعُم أول النهار وآخِره.

وأما المأثور، فاستدلوا بما رُويَ عن ابنِ عباس قال: «إِذَا انْتَفَحَ النَّهَارُ مِنْ يَوْمِ النَّفْرِ الآخِرِ، فَقَدْ حَلَّ الرَّمْيُ وَالصَّدْرُ» (٢).

قوله: «إِذَا انتفح (ارتَفَعَ) النَّهارُ» أي: يَجوز الرمي في ضحى يوم النفر الثاني قبل الزوال.

واعتُرض على هذا بأنه ضعيف، ولو صح فليس بصريح؛ لأنه يحتمل أن يكون الانتفاح قبل الزوال أو بعده، وإذا تَطَرَّق النص للاحتمال بَطَل به الاستدلال.

وأما القياس، فإن الرمي في اليوم الثالث للتشريق يجوز تركه، فجاز الرمي قبل الزوال.

ونوقش بأن النوافل المؤقتة لا يصح عملها إلا في وقتها، كصلاة الكسوف والعيدين.

القول الرابع: لا يَجوز الرمي قبل الزوال إلا في ثالث أيام التشريق. وهذا قول أبي حنيفة في رواية (٣).

والراجح: عدم جواز رمي الجمار أيام التشريق فبل الزوال؛ لفِعله ، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «رَمَى رَسُولُ اللهِ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ».

وكذا فإن عامة الآثار الواردة مُوافِقة للسُّنة الصحيحة المنقولة عن النبي ، فقد روى البخاري عن ابن عمر قال: «كُنَّا نَتَحَيَّنُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا».

ولو كان يَجوز الرمي قبل الزوال لفَعَله النبي ولو مرة، أو رَخَّص لأحد من


(١) «المبسوط» (٤/ ٦٨)، و «المغني» (٥/ ٣٢٨)، و «الفروع» (٦/ ٦٠).
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي (٩٧٧٣) وفي إسناده طلحة بن عمرو المكي، وهو ضعيف.
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٨)، و «فتح القدير» (٢/ ٤٩٩).

<<  <   >  >>