للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيه دليل على أن النائب في الحج لا بد أن يكون قد حج عن نفسه، ولكنه ضعيف.

القول الآخَر: أنه يَجوز للنائب أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه. وهو مذهب


=فرواه عَبْدَة بن سليمان عند أبي داود (١٨١١)، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وأَبو يوسف القاضي، ومحمد بن بِشْر، والراوي عنه حُمَيْد بن الربِيعِ وهو كذاب، عند الدارقطني (٢٦٦١، ٢٦٦٢، ٢٦٦٣).
أربعتهم عن سعيد بن أبي عَرُوبة، به مرفوعًا.
وخالفهم محمد بن جعفر والحسن بن صالحٍ، عند الدارقطني (٢٦٦٤، ٢٦٦٥) عن سعيد، به موقوفًا.
وخولف ابن أبي عَرُوبَة، خالفه عمرو بن الحارث عن قتادة، أن ابن جُبَيْر حَدَّثَه، بإسقاط عَزْرَة عن ابن عباس، موقوفًا، عند ابن وهب في «الموطأ» (١٥٩) في روايته: (عن قتادة أن ابن جُبير حَدَّثه)، وذلك معدود في أوهامه؛ فإن قتادة لم يَلْقَ سعيد بن جُبير، فيما قاله ابن مَعين. «تنقيح التحقيق» (٣/ ٣٩٧).
وقد أُعِل هذا السند بثلاث علل:
الأولى: اختُلف في رفعه ووقفه، وإن كان صَحَّح البيهقي (٩/ ٢٣٣) رفعه فقال: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، لَيْسَ فِي هَذَا البَابِ أَصَحُّ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي سَعِيدٍ عَبْدَةُ. وَكَذَا رَجَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ الْقَطَّانِ رَفْعَهُ؛ فَقَدْ رَجَّحَ وَقْفَهُ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: رَفْعُهُ خَطَأٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ رَفْعُهُ. «التلخيص» (٢/ ٤٢٧).
وقال ابن كَثير بعد ذكر طرق هذا الحديث: ولهذا الاضطراب قال ابن المنذر: لا يَثبت حديث شُبْرُمَة، الصحيح أنه موقوف على ابن عباس، كما رواه الحُفاظ. «إرشاد الفقيه» (١/ ٣٠٨).
الثانية: اختُلف في عَزْرَة هل هو ابن يحيى، أم هو ابن عبد الرحمن، أم هو ابن تميم؟ قال ابن التركماني:
عَزْرة الذي رَوَى عن ابن جُبَيْر، ورَوَى عنه قتادة- هو عَزْرَة بن عبد الرحمن الخُزَاعي.
الثالثة: قال ابن حجر: وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ عَلَى تَصْحِيحِهِ بِأَنَّ قَتَادَةَ لَمْ يُصَرِّحْ بِسَمَاعِهِ مِنْ عُزْرَةَ. «التلخيص» (٢/ ٤٢٧)، و «نَصْب الراية» (٣/ ١٥٥).
الطريق الثاني: رواه أبو قِلابة عن ابن عباس موقوفًا، ولكنه لم يَسمع منه. رواه الشافعي (٩٢٥).
الطريق الثالث: رواه عطاء، واختُلف عليه: فرواه ابن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ: فرواه مرة عن عطاء مرسلًا عند ابن أبي شيبة (١٣٣٦٨)، ورواه مرة أخرى عن عطاء عن عائشة، عند أبي يعلى (٤٦١١). ورواه حماد، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا عند الطبراني في «الأوسط» (٤٤٩٥).
وقد أُعِلَّ هذا السند بعلتين:
الأولى: ما قاله مسلم: وَحَمَّاد بن سلمة اذا حدث عَنْ غير ثَابت كحديثه عَنْ عَمْرو بن دِينَار فإنه يخطئ كثيرًا. «التمييز» (ص: ١٥٣)
الثانية: ما قاله أحمد بأن رفعه خطأ، وقال: رَوَاهُ عِدَّةٌ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مَشْهُورٌ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ.
وللحديث طرق وشواهد أخرى، كلها ضعيفة، والصحيح فيه الوقف.

<<  <   >  >>