للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحنفية والمالكية (١).

فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ.

وَجْه الدلالة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَوَّزَ للْخَثْعَمِيَّةِ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا، وَلَمْ يَسْتَفْسِرْ أَنَّهَا حَجَّتْ عَنْ نَفْسِهَا أَوْ لَا. فدل ذلك على أنه لا يُشترَط تقدم حجها عن نفسها.

• ثلاث فوائد في باب الإنابة:

الفائدة الأولى: ينبغي لمن أراد أن ينيب في الحج أن يتحرى فيمَن يستنيبه- أن يكون من أهل الدِّين والأمانة؛ حتى يَطمئن إلى قيامه بالواجب.

الفائدة الثانية: الأفضل أن يحج عن نفسه؛ لأنه الأصل، ويدعو لنفسه ولغيره من الأقارب وسائر المسلمين، إلا إذا كان أحد والديه أو كلاهما لم يحج الفريضة، فله أن يحج عنهما بعد حجه عن نفسه؛ بِرًّا بهما وإحسانًا إليهما عند العجز أو الموت.

الفائدة الثالثة: إذا كان مُستحسنًا أن يحج الإنسان عن أقاربه الأموات، فإنه يَبدأ بأمه ثم أبيه، وإن كان أحدهما حج الفريضة، فليَبدأ بمن لم يحج منهما، ثم الأقرب فالأقرب (٢).

* * *


(١) «المبسوط» (٤/ ١٥١). وقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنِ الْمَيِّتِ مَنْ لَمْ يَحُجَّ قَطُّ. «الاستذكار» (٤/ ١٦٨). وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ جَازَ. «الحاوي» (٤/ ٢١).
(٢) رَوَى البخاري (٥٩٧١)، ومسلم (٢٥٤٨): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».

<<  <   >  >>