للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبه قال المالكية والشافعية، وأحمد في رواية (١).

واستدلوا بما روى مسلم: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ، فَتَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي تِطْوَافًا؟ تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا، وَتَقُولُ:

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] (٢).

وفي «الصحيحين»: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ ، قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فِي رَهْطٍ، يُؤَذِّنُونَ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ: «لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» (٣).

القول الآخَر: أن سَتْر العورة واجب من واجبات الطواف، فمَن طاف غير ساتر لعورته فعليه دم. وبه قال أبو حنيفة، وهو رواية عند الحنابلة (٤).

واستدلوا بأن الله أَمَر بالطواف حول البيت، ولم يُقيِّد ذلك بسَتْر العورة، بقوله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩].

واعتُرض عليه بأن النبي هو المُبَيِّن للطواف، وقال: «وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» فدل ذلك على اشتراط ستر العورة للطواف.

والراجح: ما ذهب جمهور العلماء من اشتراط ستر العورة في الطواف؛ لأن النبي نَهَى عن الطواف عُريانًا فقال: «وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ».


(١) «مواهب الجليل» (٤/ ٣٨)، و «المجموع» (٨/ ١٦)، و «المغني» (٣/ ٢٢٢).
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٢٠).
(٣) البخاري (١٦٢٢)، ومسلم (١٣٤٧) واللفظ له.
(٤) «المبسوط» (٤/ ٣٨)، و «المغني» (٥/ ٢٢٣).

<<  <   >  >>