للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتُرض عليه بأن لفظة: «وَلَا تُغَطُّوا وَجْهَهُ» شاذة، ولا تصح عن رسول الله .

وأما المعقول، فَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُغَطِّي وَجْهَهَا بِالْإِجْمَاعِ، مَعَ أَنَّهَا عَوْرَةٌ مَسْتُورَةٌ؛ فَإِنَّ فِي كَشْفِ الْوَجْهِ مِنْهَا خَوْفَ الْفِتْنَةِ، فَلَأَنْ لَا يُغَطِّيَ الرَّجُلُ وَجْهَهُ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ أَوْلَى.

واعتُرض عليه بأن هذا القياس مع الفارق؛ لأن الرجل مأمور بكشف رأسه، والمرأة مأمورة بتغطيته. والرجل مأمور بالتجرد من المَخيط، وهي لا تتجرد منه.

والراجح: أنه يَجوز للمُحْرِم تغطية وجهه، ويَحرم عليه تغطية رأسه؛ لعموم قول النبي : «ولا تُخَمِّروا رأسه» أما رواية «ولا تغطوا وجهه» فهي شاذة.

وعلى هذا، فلُبْس المُحْرِم للكمامات الطبية للوقاية من العدوى والغبار- لا بأس به؛ لجواز تغطية وجه المُحْرِم. وكذا يَجوز للمُحْرِمة لبس الكمامات الطبية؛ فالمرأة منهية عن تغطية وجهها بالنقاب، ويَجوز تغطيته بغير النقاب، كالسدل والكمامة الطبية، والله أعلم.

* * *


=ورواه مطر الوراق، وهو كثير الخطأ، وقال: «ولا تُخَمِّروا وجهه»، كما عند أبي عَوَانة (٣١١٣)
وخالف أبا الزبير ومطرًا الوراق جماعة، وهم: أيوب، عند البخاري (١٢٦٥)، ومسلم (١٢٠٦)، وعبد الكريم الجَزَري، عند الطبراني في «الكبير» (١٢/ ٨٠)، وسالم الأفطس، عند الطبراني في «الأوسط» (٤٣٤١)، وغيرهم عن سعيد بن جُبير، ولم يَذكروا الوجه في حديثهم.
والحاصل: أن ذكر الوجه غير محفوظ من هذه الوجوه، وأن رواية سفيان الثوري عن عمرو: «ولا تُخمروا رأسه ولا وجهه» شاذة؛ لأنه قد خالف الثقات الأثبات من أصحاب عمرو بن دينار (ابن عُيينة وابن جُريج وحماد بن زيد) وغيرهم: «ولا تغطوا رأسه» وهو المحفوظ.
أما طريق أبي بِشر، فرواه عنه شُعبة بذكر الوجه وهو شاذ؛ لأن شُعبة اختُلف عليه في ذكر الوجه، وأورده ابن المظفر في «غرائب شُعبة»، وضَعَّفه البخاري بقوله: والصحيح: «لا تُخَمِّروا رأسه».
وقد خالف شُعبةَ: هُشيم وأبو عَوَانة، فروياه عن أبي بِشر دون ذكر الوجه، وهي أصح من رواية شُعبة؛ لأنه قد اتَّفق عليها الشيخان، ولم يُختلَف عليهما، وشُعبة اختُلف عليه في ذكر الوجه.
ورواه أبو الزبير عن سعيد بن جُبير، فذَكَر الوجه على شك منه في متنه، ورواية الجماعة الذين لم يَشُكوا وساقوا المتن أحسن سياقة- أَوْلَى بأن تكون محفوظة. وذكر الوجه مطر الوراق، فيه مقال.
وورد من حديث منصور عن الحَكَم عن سعيد بن جُبير، واختُلف عليه. والذين لم يَذكروا الوجه أكثر، وروايتهم أَوْلَى. قال البيهقي: ورواية الجماعة في الرأس وحده، وذِكر الوجه فيه غريب.

<<  <   >  >>