للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - المتابعة بين الحج والعمرة تَنفي الفقر والذنوب، قَالَ رَسُولُ اللهِ : «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ» (١).


(١) حَسَن، وله ثلاثة طرق عن ابن عباس:
الطريق الأول: طريق عمرو بن دينار، وله إسنادان:
- فرواه أبو عَتَّاب سهل بن حماد، عن عَزْرَة بن ثابت، عن عمرو، به. عند النَّسَائي (٢٦٥٠).
وسهل بن حماد الدلال صدوق، ولكن قد نص على تفرده بذلك الدارقطني. كما في «أطراف الغرائب» (٢٤٧١). ومع ذلك فهذا الإسناد أحسن ما يُرْوَى به حديث ابن عباس، وقد حَسَّنه الذهبي كما في «السِّيَر» (١٣/ ١٤٨).
- ورواه شُعَيْب، عن الربيع، عن عمرو، به، عند ابن عَدي (٤/ ٥)، وشُعَيْب بن صفوان الثقفي مقبول. «التقريب» (٢٨٠٣)، والربيع بن رُكَيْن الفَزَاري قد تَرجم له البخاري وابن أبي حاتم، ولم يَذكرا فيه جَرْحًاً ولا تعديلًا. انظر: «التاريخ الكبير» (٣/ ٢٧٤)، و «الجَرْح والتعديل» (٣/ ٤٦٠).
الطريق الثاني: طريق عطاء: أخرجه الطبراني (١١٤٢٨) وعلته ما قاله العُقَيْلي: يحيى بن صالح الْأَيْلِي، رَوَى عنه يحيى بن بُكَيْر مناكير. «الضعفاء» (٤/ ٤٠٩)، وكذا ابن عَدي. «الكامل» (١٠/ ٦٣٥).
وقد تَفَرَّدَ به يحيى بن صالح الأيلي، واضطرب فيه: فرواه مرة عن ابن جُريج، عن عطاء. ومَرَّة: عن إسماعيل بن أُمية، عن عطاء. وقد أشار إلى تفرده الدارقطني. انظر «أطراف الغرائب» (٢٦٢٨).
الطريق الثالث: عن يوسف بن مِهْرَان: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٣٨١٤) وفي إسناده علي بن زيد بن جُدْعَان، ضعيف. «التقريب» (٤٧٣٤).
ولهذا الحديث شواهد:
١ - حديث ابن مسعود، أخرجه أحمد (٣٦٦٩)، والترمذي (٨١٧): عَنْ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، به.
وقد أُعِل هذا السند بعلتين:
إحداهما: أن في إسناده عاصم بن بَهْدَلة، وهو ابن أبي النَّجُود، وقد تُكُلِّم في حفظه، وأنه كان يخطئ.
وقد قال ابن حجر: صدوق، له أوهام، فمِثله لا يتحمل التفرد.
وقال المُعَلِّمي: له أوهام، ولم يُخَرَّج له في «الصحيحين» إلا مقرونًا. «الفوائد المجموعة» (٢/ ٢).
وقد تَفَرَّد بهذا المتن عن شقيق، فأين أصحاب شقيق؟! ولذا استغربه غير واحد من أهل العلم.
قال أبو نُعَيْم: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ. «حِلية الأولياء» (٤/ ١١٠).
وقال الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. «سُنن الترمذي» (٢/ ١٧٦).
وقال البَزَّار: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. «مُسْنَد البزار» (٥/ ١٣٤).
العلة الثانية: أن أَبا خالدٍ الأحمر له أوهام، وقد قال فيه الحافظ: صدوق يخطئ، قد ذَكَره العُقَيْلي في ترجمته في الضعفاء، كالمُستنكِر له، وقد ذَكَر الدارقطني أنه تَفَرَّدَ به. كما في «أطراف الغرائب» (٣٩٢٦) فمِثله لا يتحمل مثل هذا التفرد.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٥٦٦) وفي السند محمد بن حُمَيْد، ضعيف.
٢ - حديث عمر: ومداره على عاصم بن عُبَيْد الله، وهو ضعيف، وقد اضطرب فيه، ورُوي مرة من مسند عمر بن الخطاب عند أحمد (١٦٧)، ومرة من مسند عامر بن ربيعة، عند أحمد (١٥٦٩٤) وقال الدارقطني: يرويه عاصم، ولم يكن بالحافظ … وكان يضطرب فيه. وقال يعقوب بن شيبة: ولا نَرى هذا الاضطراب إلا من عاصم، وقد بَيَّن ابن عُيينة ذلك. «تاريخ دمشق» (٢٥/ ٢٥٩).
٣ - حديث ابن عمر، وله أربعة طرق عنه:
الأول: أخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (٨٦٩، ٨٧٠)، وفي إسناده إبراهيم الخَوْزِيّ، متروك.
الثاني: ورواه الحارث في «بغية الباحث» (٣٦٨) بسنده عن ابن عمر.
وفي إسناده هَوْذَة بن خليفة، وهو وإن كان حَسَن الحديث إذا توبع، ولكن قد تَفَرَّدَ به. وقد قال ابن مَعين: هوذة لم يكن بالمحمود. قيل له: لِمَ؟ قال: لم يأتِ أحد بهذه الأحاديث كما جاء بها، وكان أُطْروشًا. انظر «تهذيب الكمال» (٣٠/ ٣٢٠).
ولم يخرجه غير الحارث بن أبي أسامة، ولو كان صحيحًا فأين أصحاب الصحاح والسُّنن؟
الثالث: أخرجه الطبراني (١٣٦٥١) من طريق حَجاج بن نُصَيْر، وهو ضعيف.
الرابع: أخرجه الطبراني في «الشاميين» (١٧٠) وفي إسناده عثمان بن سعيد الصيداوي وشيخه، ولم أقف لهما على ترجمة. وفيه انقطاع بين الشَّعْبي وابن عمر، قاله أبو حاتم. فهذا إسناد ساقط.
٤ - حديث جابر بن عبد الله، وله ثلاثة طرق عنه:
الأول: عن عمرو بن دينار: أخرجه البزار «كَشْف» (١١٤٧) وفي إسناده محمد بن مسلم الطائفي، قال الذهبي: فيه لِين وقد وُثِّق. وقال ابن حجر: صدوق يخطئ من حفظه، وبِشر بن المنذر الرملي، فإن كان قال فيه أبو حاتم: (كان صدوقًا) فقد ذَكَره العُقَيْلي في «الضعفاء» وقال: في حديثه وهم.
الثاني: عن عبد الله بن عَقيل: عند الطبراني في «الأوسط» (٤٩٧٧)، وفيه ابن أبي زياد، ضعيف.
أما الثالث، فهو رواية محمد بن المنكدر: أخرجه ابن عَدي في «الكامل» (٦/ ٢١٩) وفي إسناده محمد بن عبد الله العَمِّي، لَيِّن الحديث. «التقريب» (٦٠٥٨) وذَكَره ابن عَدي في ترجمته مُستنكِرًا له.
٥ - حديث أبي هريرة: أخرجه الحارث في «بغية الباحث» (٣٦٦) وفيه داود بن المُحَبِّر، متروك.
فهذه كل الأحاديث الواردة في هذا المعنى، وقد تبين أنه ليس فيها حديث ثابت بنفسه، ولكن فيها طرق يمكن أن يُعضِّد بعضها بعضًا، وهذا الحديث في الفضائل فقد يُحَسَّن الحديث بمجموع الطرق.

<<  <   >  >>