للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بالكتاب والسُّنة:

أما الكتاب، فإن الرسول أُسري به من خارج المسجد المُعَد للصلاة، وقد قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الإسراء: ١].

ودلت على ذلك أدلة:

الدليل الأول: ما رَوى أنس بن مالك قال: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ … فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ … » (٢).

واعتُرض عليه بأن أَصْرَح منه ما ورد عن أنس، أن الرسول أُسْرِيَ به من داخل المسجد المُعَد للصلاة، فعن أَنس قال: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ.

وَعَنْ أَنَسِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ: «بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ - وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الحِجْرِ - مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ … » (٣). وفي رواية: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ البَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَاليَقْظَانِ».

فهذه الأدلة الصريحة عن أنس تُؤكِّد أن الرسول أُسْرِيَ به من مسجد الكعبة.

الدليل الثاني: ما رَوى جابر قال: إِنَّ النَّبِيَّ أُسْرِيَ بِهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، مِنْ مَكَّةَ، مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ (٤).

الدليل الثالث: ما روت أُم هانئ قالت: بَاتَ رَسُولُ اللهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ فِي بَيْتِي، فَفَقَدْتُهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي … » (٥).

ونوقش هذا الحديث بأنه منكر، وبأنه لو صح فيمكن الجَمْع بين الروايات، بِأَنَّ النَّبِيَّ نَامَ فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ، وَبَيْتُهَا عِنْدَ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ، فَفُرِّجَ سَقْفُ بَيْتِهِ، وَأَضَافَ الْبَيْتَ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ كَانَ يَسْكُنُهُ، فَنَزَلَ مِنْهُ الْمَلَكُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِد، فَكَانَ بِهِ مُضْطَجِعًا، وَبِهِ أَثَرُ النُّعَاسِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمَلَكُ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقَ (٦).


(٢) البخاري (٣٤٩)، ومسلم (١٦٣).
(٣) البخاري (٣٨٨٧).
(٤) «أخبار مكة» للفاكهي (٣/ ٢٤٧).
(٥) منكر: أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٠٥٩). وفي إسناده: عبد الأعلى بن أبي المُسَاوِر، متروك.
(٦) «فتح الباري» (٧/ ٢٠٤).

<<  <   >  >>