للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عائشة قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ؛ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ ﷿» (١).

المطلب الثاني: استحباب الدعاء أثناء الطواف:

يُستحَب للطائف أن يُكْثِر من الدعاء أثناء طوافه، وأن يَسأله سبحانه من خيرَي الدنيا والآخرة؛ فإن هذا موطن من مواطن الدعاء.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (٢).

فالحاصل: أنه يُستحَب للطائف أن يكون خاشعًا خاضعًا متذللًا، حاضر القلب، مُلازِم الأدب بظاهره وباطنه، وفي حركته ونظره وهيئته، وأن يدعو بما تَيَسَّر من خيرَي الدنيا والآخرة؛ فإنه لم يصح عن رسول الله في الطواف دعاء مُعيَّن، أو يَقرأ القرآن.

وبذلك يتبين خطأ ما يفعله بعض الناس، من تخصيص أدعية معينة لكل شوط (٣).


(١) ضعيف: أخرجه أحمد (٢٤٣٥١). وهذا الحديث اختُلف في رفعه ووقفه، وعلى كل حال فمداره على عُبيد الله بن أبي زياد، وقد لَخَّص الحافظ فيه القول فقال: ليس بالقوي. «التقريب» (٤٢٩٢).
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (١٨٩٢)، وأحمد (١٥٣٩٩) من طرق عن يحيى بن عُبَيْد، عن أبيه، به.
وفي إسناده عُبيد والد يحيى: هو مولى السائب، وقد عده بعضهم صحابيًّا فوهم، قال الحافظ في «الإصابة» في ترجمته: عُبيدٌ تابعي، ما روى عنه إلا ابنه يحيى. قلت: وهو إلى الجهالة أقرب، وإن كان ذَكَره ابن حِبان في «ثقات التابعين» فهو متساهل في توثيق المجاهيل.
وقد وردت بعض الأدعية عن النبي في الطواف:
منها: عَنِ ابْن عَبَّاسٍ يَقُولُ: وَكَانَ النَّبِيُّ يَدْعُو بِهِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: «رَبِّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَليَّ كُلِّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» أخرجه ابن خُزيمة (٢٧٢٨).
قال الألباني: إسناده ضعيف، وقد استغربه الحافظ؛ لأن عطاء بن السائب كان اختلط، وسعيد بن زيد سَمِع منه آخرًا على ضعف في حفظه، ورواه غيره عنه موقوفًا.
ومنها: عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَلَا يَتَكَلَّمُ، إِلَّا بِسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ؛ مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهَا عَشْرُ دَرَجَاتٍ. وَمَنْ طَافَ فَتَكَلَّمَ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالِ، خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ بِرِجْلَيْهِ، كَخَائِضِ الْمَاءِ بِرِجْلَيْهِ». وفي إسناده حُميد بن أبي سُويد، له مناكير كما قال البيهقي في «الشُّعَب» (١٧٤٩) وغير ذلك من الأحاديث، ولا يصح في هذا الباب حديث.
(٣) قال ابن تيمية: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِي الطَّوَافِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُوَهُ بِمَا يُشْرَعُ، وَإِنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ سِرًّا فَلَا بَأْسَ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مَحْدُودٌ عَنِ النَّبِيِّ ، بَلْ يَدْعُو فِيهِ بِسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَمَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ دُعَاءٍ مُعَيَّنٍ تَحْتَ الْمِيزَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا أَصْلَ لَهُ. «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٢٢).

<<  <   >  >>