للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مذهب الحنفية، والمالكية، ووَجْه عند الشافعية (١).

قال الكاساني: أَمَّا الْقَدْرُ الْمَفْرُوضُ مِنَ الْوُقُوفِ، فَهُوَ كَيْنُونَتُهُ بِعَرَفَةَ فِي سَاعَةٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ، فَمَتَى حَصَلَ إِتْيَانُهَا فِي سَاعَةٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ، تَأَدَّى فَرْضُ الْوُقُوفِ، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِهَا أَوْ جَاهِلًا نَائِمًا، أَوْ يَقْظَانَ مُفِيقًا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، وَقَفَ بِهَا أَوْ مَرَّ، وَهُوَ يَمْشِي أَوْ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ مَحْمُولًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْقَدْرِ الْمَفْرُوضِ، وَهُوَ حُصُولُهُ كَائِنًا بِهَا.

وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَيْنَا عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَتَى قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَاتٍ، لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» (٢).

فمَن وقف بعرفة وهو مغمى عليه، فقد أتى بالقَدْر المفروض، وهو حصوله كائنًا بعرفة، فحصل الركن، ولا يَمتنع ذلك بالإغماء والنوم، كركن الصوم.

فالحاصل أن شروط الوقوف بعرفة ثلاثة أنواع:

- شروط تتعلق بالمكان، فيقف الحاج بعرفة بحدودها المعروفة حاليًا بالأعلام.

- وشروط تتعلق بالزمان، فيقف الحاج بعد زوال شمس يوم التاسع من ذي الحجة، حتى فَجْر يوم النحر، ولو وقف وقتًا يسيرًا أجزأه، قائمًا أو راكبًا أو ماشيًا.

- شروط تتعلق بالواقف، فيكون الحاج أهلًا للعبادة، بأن يكون مسلمًا عاقلًا.

ثانيًا- واجبات الوقوف بعرفة:

وهو واجب واحد، وهو الوقوف بعرفة حتى تَغرب الشمس، فمَن دفع قبل الغروب فعليه دم لتَرْكه الواجب.

ومَن دفع قبل غروب الشمس ثم عاد إلى عرفة، فلا شيء عليه لأنه استدرك ما فاته.

ومَن تأخر فلم يستطع إلا الوقوف ليلًا، فلا شيء عليه لأنه معذور.


(١) «المبسوط» (٤/ ٥١)، و «مواهب الجليل» (٤/ ١٣٣)، و «المجموع» (٨/ ١٠٤). وقال ابن قُدامة: الْمُغْمَى عَلَيْهِ: يُجْزِئُهُ (الوُقُوفُ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ. «المغني» (٥/ ٢٧٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٢٧).

<<  <   >  >>