للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن قد يجاب عن هذا الإشكال من جهتين:

الأولى: أن الحاجة داعية لمِثل هذا البيع في هذا الزمان، ولا سيما مع كثرة الحجيج، وما كان هذا شأنه فلا تأتي الشريعة بتحريمه (١).

الثانية: أن تحريم بيع شاة من القطيع يُفْضِي إلى التنازع للتفاوت بين الشياه.

وأجيب عنه بأن الغَرَر هنا لا يُفضِي إلى التنازع؛ فالحاج لا غرض له سوى هَدْي يُبَرِّئ ذمته، والشاة لا تُسَلَّم للمشتري حتى تُفضِي إلى النزاع.

المطلب الثالث: شروط جواز النيابة في شراء كروت وبطاقات الهَدْي:

إن من السُّنة أن يتولى المهدي ذبح هديه بنفسه اقتداء بالنبي ، ومَن شق عليه ذلك فله توكيل مَنْ يثق به في الذبح، فيَجوز له إخراج الهَدْي عن طريق شراء سندات الهَدْي من المَكاتب الذي تتولى بيعها في المشاعر وغيرها، وبالشروط الخمسة الآتية:

الأول: أن تكون الجهة التي يَشتري منها السندات جهة موثوقة.

الثاني: أن يكون مَنْ يتولى ذبح الهَدْي نيابة عن المهدي ممن يصح توكيله، وتنطبق عليه شروط الوكيل في الذبح (٢).

الثالث: أن يكون ذَبْح الوكيل للهَدْي في يوم النحر وأيام التشريق.

الرابع: أن يكون ما تذبحه تلك الجهات المُوكَّلة مما يجزئ في الهَدْي، وخاليًا من العيوب المؤثرة في الهَدْي.

الخامس: أن يَعْلَم أن هذه الجهة التي تبيع سندات الهَدْي- تقوم بتفريقه بعد ذبحه على مستحقيه من فقراء الحَرَم، وأنها لا تنقله خارج الحَرَم إلا إذا عُدم المساكين، أو كان


(١) قال ابن تيمية: فَكَذَلِكَ رُخِّصَ فِيمَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ، فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ ضَرَرِ كَوْنِهِ غَرَرًا، مِثْلُ بَيْعِ الْعَقَارِ، وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ دَوَاخِلُ الْحِيطَانِ وَالْأَسَاسِ، وَمِثْلُ بَيْعِ الْحَيَوَانِ الْحَامِلِ أَوِ الْمُرْضِعِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ الْحَمْلِ وَاللَّبَنِ. «الفتاوى الكبرى» (٤/ ١٨).
(٢) مِنْ الخطأ ما يَجري عليه بعض الحُجاج من تسليم ثمن الهَدْي الواجب عليهم- لمن ليس بأهل لذلك بصفة التوكيل، حيث لا يباشرون بأنفسهم عمليات الشراء والذبح والتصدق باللحوم.
فيجب على الحاج ألا يوكل في ذبح الهَدْي مَنْ ليس بأهل لذلك؛ لأن بعض الناس معه سندات بسعر أقل، وهو لا يَذبح ولا يُوزِّع، بل يأخذ الأموال ويعطيها آخَرَ مقابل نسبة يأخذها منه.

<<  <   >  >>