واستدلوا بأن مَنْ لم يتمكن من المبيت في مِنًى، فلا يَسقط عنه المبيت إلى غير بدل، بل يقف فيما جاور المكان من العزيزية أو المزدلفة.
ونوقش بأن الذي يحدده البدل هو وجود نص، كقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] وكقول النبي ﷺ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا» ولم يَرِد نص يدل على بدل للمبيت بمِنًى، فيبقى كغيره من الواجبات التي تَسقط إلى غير بدل.
القول الآخَر: إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في مِنًى ليبيت فيه ليالي مِنًى، فلم يجد شيئًا، فيَسقط عنه المبيت في مِنًى في هذه الحال، ويَجوز له عند ذلك أن يبيت خارج مِنًى، في مزدلفة أو العزيزية أو غيرهما، ولا شيء عليه. وهو قول ابن باز (١).
واستَدل ابن باز بعموم قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦] وعن النبي ﷺ قال: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
واعتُرض عليه بأن من التقوى لمن لم يجد مكانًا في مِنًى أن يقف فيما جاور المكان لأنه في استطاعته، ويكون ما جاوره له حكمه كالمسجد.
واستَدل بالقياس، فكما أن النبي ﷺ أَسْقَط المبيت عن أهل الأعذار كالسقاة والرعاة، فكذا يَسقط عمن لم يجد مكانًا في مِنًى؛ لأن هذا عذر.
واعتُرض على هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: أن هذا قياس مع الفارق؛ لأن النبي ﷺ عَذَر مَنْ بات في مكة من أجل السقاية؛ لأن السقاية هناك، ورَخَّص للرعاة للمبيت في أماكن رعيهم. أما مَنْ لم يجد مكانًا في مِنًى، فما عذره الخاص الذي يبيح له الانتقال من الأماكن المجاورة لمِنًى؟!
الثاني: على هذا القول فإن مَنْ لم يجد مكانًا في مِنًى، وهو من أهل الأماكن القريبة من الحرم، كأهل جدة، فله أن يبيت في بيته. وهذا مُنافٍ لمَقصِد الحج، وهو اجتماع الناس.
وأجيب عنه بأن المبيت إذا تَعَذَّر في مِنًى، فلا يعني الخروج من حدود الحرم، بل له أن يبيت في أي مكان، ما دام داخلًا في حدود الحَرَم.