للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرط الثاني الخاص بالمرأة: عدم العِدة:

اختلف العلماء في اشتراط ألا تكون المرأة معتدة علي قولين:

القول الأول: يُشترط لوجوب الحج على المرأة ألا تكون معتدة في مدة الذَّهاب للحج. وبه قال الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (١).

واستدلوا بأن المُتوفَّى عنها زوجها لا يَجوز لها أن تَخرج من بيتها وتسافر للحج حتى تنقضي عدتها؛ لأنها في هذه الحال غير مستطيعة، فيجب عليها أن تتربص في البيت؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤]. وكذا نهى المعتدات بقوله تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾ [الطلاق: ١].

وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ، يَمْنَعُهُنَّ الْحَجَّ (٢).

واستدلوا بأن العدة في المنزل تَفُوت، ولا بدل لها، والحج يمكن الإتيان به بعد العدة.

القول الأخر: يجوز للمطلقة والمُتوفَّى عنها زوجها أن تَخرج من بيتها وتسافر للحج أثناء العدة، وهو قول عائشة وعطاء والحسن وابن حزم. (٣)

والراجح: أنه يُشترط لوجوب الحج على المرأة ألا تكون معتدة في مدة الذَّهاب للحج إذا كان يسهل عليها الحج بعد ذلك، ولا بأس بحج المرأة في عدتها إذا كان يتعذر أو يشق عليها الحج بعد ذلك مع المحرم أو الرفقة الآمنة، ولاسيما مع المشقة الحادثة الآن.


(١) «المبسوط» (٦/ ٣٦)، و «المدونة» (٢/ ٤٢)، و «الأم» (٥/ ٥٧٩).
وخَصَّ الحنابلة العِدة المانعة من وجوب الحج على المرأة بعدة الوفاة، دون عِدة الطلاق. ولا فَرْق عند الجمهور بين عِدة الوفاة أو الطلاق. «المغني» (٨/ ١٦٧).
(٢) ضعيف لانقطاعه؛ لأن ابن المسيب لم يَسمع من عمر. أخرجه مالك (١٧٣٠)، وله طرق أخرى كثيرة عن عمر عند سعيد بن منصور (١٣٤٣) (١٣٤٤) وغيره، إلا أنها مراسيل فقد تصح بمجموع الطرق.
وقد ورد عن عثمان وابن مسعود وابن عمر منع المعتدة من الحج أثناء عدتهن، عند ابن أبي شيبة (١٤٨٥٦) (١٩١٨٠) (١٩١٨٢) ولا يصح عنهم.
(٣) صح عند ابن أبي شيبة (١٤٨٥١) عَنْ عَطَاءٍ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَحَجَّتْ أُمَّ كُلْثُومٍ فِي عِدَّتِهَا.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَنْ يَحْجُجْنَ فِي عِدَّتِهِنَّ. أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٨٥٠)، وعلته ما قاله ابن نمير: «كان أبو معاوية يضطرب فيما كان عن غير الأعمش». وصح عند ابن أبي شيبة (١٤٨٥٣) عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا، تَحُجَّانِ فِي عِدَّتِهِمَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ حَبِيبٌ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ ذَلِكَ. وانظر المحلى (١٠/ ٧٣).

<<  <   >  >>