شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حُرمات المسلمين، وقد ذكر البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبَذْلُكَ السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار، وروى غير البخاري هذا الكلام مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الثلاثة المذكورة من السلام على العالم، والسلام على من عرفت ومن لم تعرف، وإفشاء السلام كلها بمعنى واحد، وفيها لطيفة أخرى، وهي أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة، وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه ولا يخص أصحابه وأحبابه خلاف ما أنذر به صلى الله عليه وسلم آخر الزمان من كون السلام للمعرفة، فيقطع سبب التواصل الذي هو الإسلام، والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:(١٠٤) - (٠٠)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي، ثقة من العاشرة، مات سنة (٢٤٠) أربعين ومائتين، روى عنه المؤلف في سبعة أبواب. قال زهير (أنبأنا) أي أخبرنا (جرير) بن عبد الحميد بن جرير بن قرط الضبي أبو عبد الله الكوفي، ثقة من الثامنة، مات سنة (١٨٨) ثمانء وثمانين ومائة، روى عنه المؤلف في ستة عشر بابا (عن) سليمان بن مهران الكوفي، أبي محمد الكاهلي مولاهم المعروف بـ (الأعمش) لكون عينه عمشاء، ثقة حافظ من الخامسة، مات سنة (١٤٨) ثمان وأربعين ومائة، روى عنه المؤلف في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا، وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بأنبأنا جرير، والإشارة راجعة إلى ما بعد الأعمش، أي أخبرنا جرير عن الأعمش بهذا الإسناد، يعني عن أبي صالح عن أبي هريرة (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي) أي قسمت لكم بالإله الذي (نفسي) ورُوحي (بيده) تعالى المنزهة عن صفات الحدوث، بزيادة القسم في هذه الرواية لتأكيد الكلام، أي أقسمت لكم به على أنه (لا تدخلون الجنة) حين يدخلها السابقون (حتى تؤمنوا) الإيمان الكامل، وقوله (بمثل