فقال: اللهم اكفف لسانه ويده، فيبست يده وخرست لسانه، وكان واليًا على الكوفة من قبل عمر فشكاه أهلها فعزله وكان عمر من عدله لا يشكو قوم عاملهم إلا عزله وبعث عمر رجلًا يسأل أهل الكوفة عن حال سعد قبل أن يصل سعد إلى المدينة فلم يدع الرجل مسجدًا إلا سأل أهله فيثنون خيرًا حتى دخل مسجد بن عيس فقام رجل منهم فقال: أما إذا نشدتنا فكان لا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية، فقال سعد: اللهم إن كان كاذبًا فأطل عمره وفقره وعرّضه للفتن، فقال عبد الله بن عمر: فرأيته سقط حاجباه من الكبر يتعرض للجواري يغمزهن وكان يقول إذا سُئل: شيخ مفتون أصابته دعوة سعد. ومن مآثره أن عمر أرسل إليه وهو أمير العراق أن قاتل الفرس فمضى إليهم وحالت بينهما دجلة وهي كالبحر لا تعبر إلا بالسفن فقال للجند الذين معه: ما ترون؟ فقالوا: ما تأمر عزم الله لنا ولك الرشد، فلما سمع كلامهم اقتحم الوادي بفرسه وتبعه المسلمون فقطعوا دجلة خيلًا ورجالًا ودواب حتى لا يُرى وجه الماء من الشاطئ إلى الشاطئ وسعد يقول في أثناء القطع: حسبنا الله ونعم الوكيل، والله لينصرن الله وليه يعني عمر، وليظهرن الله دينه، وليهزمن الله عدوه إن لم يكن في الجيش ذنوب، وكان الفرس إذا أحس بالإعياء أبان الله له رابية في جوف الماء يقف عليها حتى يرجع إليه نشاطه ثم يعوم براكبه، وخرجت تلك الخيل تنفض أعرافها وجميع الخلق والدواب سالمة ولم يضع لأحد شيء إلا رجل سقط له قدح فعيّره صاحبه فقال له: أصابه القدر فطاح، فقال: ما كان الله ليسلبني قدحي من بين أهل العسكر فضربته الريح والأمواج حتى أخرجته إلى الشاطئ فقال للذي عيّره: ألم أقل لك ما كان الله ليسلبني قدحي من دون غيري، وكان ذلك بيانًا لما في الكتب القديمة من أن هذه الأمة تخوض البحر إلى أعدائها. وكان سعد أصيب ببصره في آخر عمره وكانت عائشة بنته قد عمرت فرآها مالك وهو صغير، وهي التي قال فيها سعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي مالًا ولا يرثني إلا ابنة أفأفرق مالي .. الحديث اهـ من الأبي.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال: