للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال أَبُو كُرَيبٍ: وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ

ــ

تعالى عنها وجزاها الله تعالى عنا خير الجزاء (قال أبو كريب: وأشار وكيع) بن الجراح عند قوله خير نساءها (إلى السماء والأرض) قال النووي: أراد وكيع بهذه الإشارة تفسير الضمير في نساءها وأن المراد جميع نساء الأرض أي كل من بين السماء والأرض من النساء، والأظهر أن معناه أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها اهـ.

قال القرطبي: قوله: (خير نساءها مريم بنت عمران) هذا الضمير عائد على غير مذكور لكنه تفسره الحال والمشاهدة يعني به الدنيا، وفي رواية: (وأشار وكيع إلى السماء والأرض) يريد الدنيا كأنه يفسر ذلك الضمير فكأنه قال: خير نساء الدنيا مريم بنت عمران وهذا نحو حديث ابن عباس المتقدم الذي قال فيه: (خير نساء العالمين مريم) ويشهد لهذه الأحاديث في تفضيل مريم قول الله تعالى حكاية من قول الملائكة لها: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالمِينَ} [آل عمران / ٤٢] فظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة ويعتضد هذا الظاهر بأنها صدّيقة ونبية بلغتها الملائكة الوحي عن الله تعالى بالتكليف والإخبار والبشارة وغير ذلك كما بلغته سائر الأنبياء فهي إذًا نبية، وهذا أولى من قول من قال إنها غير نبية، وإذا ثبت ذلك ولم يُسمع في الصحيح أن في النساء نبية غيرها فهي أفضل من كل نساء الأولين والاخرين، إذ النبي أفضل من الولي بالإجماع، وعلى هذا فهي أفضل مطلقًا، ثم بعدها في الفضيلة فاطمة، ثم خديجة، ثم آسية، وكذلك رواه موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيدة نساء العالمين مريم وفاطمة ثم خديجة ثم آسية" رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وهذا الحديث حسن رافع لاشكال هذه الأحاديث، فأما من يرى أن مريم صدّيقة وليست نبية فلهم في تأويل هذه الأحاديث طريقان: أحدهما أن معناها أن كل واحدة من أولئك الأربع خير نساء عالم زمانها وسيدة وقتها، وثانيهما أن هؤلاء النساء الأربع من أفضل نساء العالم وإن كن في أنفسهن على مزايا متفاوتة ورتب متفاضلة وما ذكرناه أوضح وأسلم اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الفضائل باب تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها [٣٨١٥]، والترمذي في المناقب [٣٨٧٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>