للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى" قَالتْ: فَقُلْتُ: وَمِنْ أَينَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَال: "أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبَّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا، وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ" قَالتْ: قُلْتُ: أَجَل، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ

ــ

كنت عني راضية و) ما (إذا كنت عليّ غضبى) أي غاضبة غير راضية (قالت: فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (ومن أين) أي ومن أي شيء (تعرف ذلك؟ ) أي كوني راضية عنك أو غير راضية (قال) النبي صلى الله عليه وسلم لها: (أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين) في المحاورة معي (لا) أي ليس الأمر كذلك (ورب محمد) أي أقسمت لك برب محمد (وإذا كنت غضبى) أي غير راضية (قلت) لي في المحاورة معي: (لا) أي ليس الأمر كذلك (ورب إبراهيم) أي أقسمت لك برب إبراهيم (قالت) عائشة (قلت) للنبي صلى الله عليه وسلم: (أجل) أي نعم كذلك حال في محاورتي معك إذا كنت راضية أذكر اسمك، وإذا كنت غضبى عليك أذكر اسم إبراهيم (والله) أي أقسمت لك (يا رسول الله) بالإله الذي لا إله غيره (ما أهجر) ولا أكره حينئذ (إلا) ذكر (اسمك) لغضبي عليك.

قوله: (وإذا كنت غضبى عليّ) قال في المبارق: غضبها على النبي صلى الله عليه وسلم كان من جهة الغيرة وهي معقدة عن النساء، حتى قال مالك وغيره من علماء المدينة: إذا قذفت المرأة زوجها بالفاحشة حين أخذتها الغيرة يسقط الحد عنها، رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما يدري صاحب الغيرة أعلى الجبل من أسفله" اهـ.

قال القرطبي: غضب عائشة على النبي صلى الله عليه وسلم للأسباب التي ذكرناها في حديث خديجة أو لبعضها، والغالب أنها كانت للغيرة التي لا تتمالك المرأة نفسها معها، قال القاضي عياض: يعفى عن النساء في كثير من الأحكام لأجل الغيرة حتى قد ذهب مالك إلى إسقاط الحد عن المرأة إذا رمت زوجها بالزنا، قوله: (قلت: لا ورب إبراهيم) فيه جواز الاستدلال بالأفعال على ما في البال، وعن هذا قيل من أحب شيئًا أكثر من ذكره.

قال الحافظ في الفتح [٩/ ٣٢٦]: قوله: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية) .. إلخ يؤخذ منه استقراء الرجل حال المرأة من فعلها وقولها فيما يتعلق بالميل وعدمه والحكم بما تقتضيه القرائن في ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم جزم برضا عائشة وغضبها بمجرد ذكرها اسمه وشكوتها فبنى على تغير الحالين من الذكر والسكوت تغير الحالتين من

<<  <  ج: ص:  >  >>