بما التزمت مع صواحبها وإن فعلت ذلك خافت من فراقه وهي تكره فراقه للعلقة التي بينهما، والحاصل أنها أشارت إلى كثرة عيوب زوجها وفاءً بما تعاقدت عليه ولكنها سكتت عن تفصيلها للمعنى الذي اعتذرت به، والعجر بضم العين وفتح الجيم جمع عجرة بضم العين مع سكون الجيم ككرب وكربة وغرف وغرفة وهي العقدة في الأعضاء الظاهرة والعيوب فيها كالظهر والرجلين واليدين والبجر كذلك في ضبطه وهي العيوب في الأعضاء الباطنة كالبطن والوركين والفخذين والدبر والقبل تعني أنه معيب ظاهرًا وباطنًا ولكني أسكت عنها مخافة فراقه.
(قالت الثالثة): قيل اسمها حنى بنت نعب كما مر (زوجي العشنق) أي الطويل الخارج بطوله إلى الحد المستكره الأحمق السيء الخلق، ويقال له: العثنط بالطاء أي ليس عنده أكثر من طول بلا نفع فهو منظر بلا مخبر (إن أنطق) أي إن أذكر عيوبه وفاء بما التزمته (أُطلق) أي أخاف أن يطلقني (وإن أسكت) عن ذكر عيوبه (أُعلّق) أي تركني معلقة لا أيمًا ولا ذات زوج كما قال تعالى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}.
(قالت الرابعة): قيل اسمها مهدد بنت أبي مزرمة (زوجي كليل تهامة) بكسر التاء، قال علي القاري: هي مكة وما حولها من الأغوار، وقيل كل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، وأما المدينة فلا تهامية ولا نجدية لأنها فوق الغور دون النجد، وقال الحافظ في الفتح: قد ضربوا بليل تهامة في الطيب لأنها بلاد حارة في غالب الزمان وليس فيها رياح باردة فإذا كان الليل كان وهج الحر ساكنًا فيطيب الليل لأهلها بالنسبة لما كانوا فيه من أذى حر النهار فوصفت زوجها بجميل العشرة واعتدال الحال وسلامة الباطن (لا حر ولا قر) يجوز فيهما الفتح بلا تنوين على إعمال لا عمل إن نظير قوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الْحَجِّ} وخبر لا محذوف تقديره لا حر ولا قر موجودان، وجملة لا من اسمها وخبرها في محل الجر صفة لليل أي موصوف بعدم الحر والقر فيه، ويجوز الرفع مع التنوين على إعمال لا عمل ليس نظير قوله تعالى:{لَا بَيعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} وخبر لا محذوف تقديره لا حر ولا قر موجودين فيه والجملة أيضًا صفة لليل، والقر بفتح القاف وبضمها بمعنى البرد الشديد وفتح القاف ها هنا أنسب نظرًا لحسن