الازدواج والمراد أن ليل تهامة معتدل بين الحر والبرد وكذلك زوجي معتدل في أحواله وأخلاقه ففيه مدح لزوجها (ولا مخافة) من شره وضره (ولا سآمة) من معاشرته ويجري في هذا التركيب أيضًا ما جرى في التركيب قبله من أوجه الإعراب، أما نفي المخافة فلكون تهامة محصونة بالجبال، وأما نفي السآمة فلكون ليلها لذيذ الهواء فكأنها وصفت زوجها بأنه لا أذى عنده ولا مكروه وأنا آمنة منه فلا أخاف من شره وآذاه ولا ملل من المقام عنده فأسأم من عشرته فأنا لذيذة العيش معه كلذة أهل تهامة بليلهم المعتدل.
(قالت الخامسة): قيل اسمها كبشة (زوجي إن دخل) البيت (فهد) بكسر الهاء من باب فرح أي صار كالفهد، وهذا أيضًا مدح بليغ فقولها:(فهد) وصف له بكثرة النوم والغفلة في منزله عن تعهد ما ذهب من متاعه وما بقي وشبهته بالفهد لكثرة نومه وهو معنى قولها: (ولا يسأل عما عهد) أي لا يسأل عما كان عهده وعرفه في البيت من ماله ومتاعه تعني هو شديد الكرم كثير التسامح لا يسأل عما فقد من ماله ولا يلتفت إلى ما رأى بل فوض كل أموره إليّ (وإن خرج) من البيت (أسد) أي صار كالأسد بين الناس أو خالط الحرب كان كالأسد في شدة الإقدام على الأعداء تعني كان معظمًا موقرًا بين الناس لشدة حيائه وشديد الإقدام على الأعداء في الحرب لشدة شجاعته، وقوله:(ولا يسأل عما عهد) تفسير لقوله إن دخل فهد.
(قالت السادسة): قيل اسمها هند (زوجي إن أكل لف) أي يكثر الأكل ويخلّص ما في القصعة ولا يُبقي فيها شيئًا من الطعام (وإن شرب) الشراب (اشتف) أي امتص ما في الكأس وغلّق، والمراد من اللف الإكثار من الطعام واستقصاؤه من الإناء حتى لا يترك منه شيئًا، وقال أبو عبيد: اللف الإكثار مع التخليط فأرادت أنه يخلط صنوف الطعام من نهمته وشرهه ثم لا يبقي منه شيئًا، ووقع في بعض الروايات (اقتف) بدل قولها (لف) والاقتفاف: التجميع وأما قولها (اشتف) من الاشتفاف في الشرب وهو استقصاء ما في الإناء مأخوذ من الشفافة بالضم وهي البقية تبقى في الإناء فإذا شربها الشارب قيل: اشتف الإناء أي لم يدع فيه شفافة أي بقية، قال القرطبي: تصفه بكثرة الأكل مع التخليط