للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيءٍ أَعْطَاني مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ.

قَالت عَائِشَةُ: قَال لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ"

ــ

وهو اسم فاعل من راح يروح روحًا فـ (قال) لي ذلك الرجل: (كلي) يا (أم زرع) ما شئت من طعامي (وميري) أي أرسلي (أهلك) منه أي أعطيهم الميرة وصليهم بها أي أباح لها أن تأكل ما شاءت من طعامه وأن تبعث منه بما شاءت لأهلها مبالغة في إكرامها واحترامها ومع ذلك كله فكانت أحواله كلها عندها محتقرة بالنسبة إلى أبي زرع ولذلك قالت: (فلو جمعت كل شيء أعطاني) هذا الرجل الثاني (ما بلغ) الذي أعطانيه ولا ساوى (أصغر آنية أبي زرع) أي أقل ما أعطانيه أبو زرع، وسبب ذلك أن أبا زرع كان الحبيب الأول كما قال أبو تمام:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب إلا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدًا لأول منزل

(قالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع) أي أنا لك كأبي زرع .. إلخ نظير قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ} أي أنتم خير أمة ويمكن بقاؤه على ظاهره أي كنت لك في علم الله السابق ويمكن أن يكون مما أريد به الدوام كقوله تعالى {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} وقوله صلى الله عليه وسلم لها ذلك تطييب لقلبها ومبالغة في حسن عشرتها، زاد في رواية الهيثم ابن عدي (في الألفة والوفاء لا في الفرقة والجلاء) وزاد الزبير في آخره (إلا أنه طلقها وإني لا أطلقك) وزاد النسائي في رواية له والطبراني (قالت عائشة: يا رسول الله بل أنت خير من أبي زرع) وفي أول رواية الزبير (بأبي وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع).

وقوله صلى الله عليه وسلم: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) يدل على محبته صلى الله عليه وسلم لعائشة وفي محبته إياها فضيلة لها وبهذا طابق الحديث الترجمة وأدخلوه في ترجمة فضل عائشة رضي الله تعالى عنها وهذه القطعة هي المقصودة من الحديث ومغناه في هذا الباب، وفي الحديث منع الفخر بحطام الدنيا لقوله صلى الله عليه وسلم: "اسكتي يا عائشة" وجواز إخبار الرجل زوجته بحسن صحبته وإحسانه إليها اهـ من المبارق باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>