تلك العير ففعلوا وقال: إنه يرد أموال قريش ويسلم ففعل ذلك فلذلك شكره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي اهـ من المفهم.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته تلك (وإني لست أحرم حلالًا) كتزوج الرجل فوق واحدة إلى أربع (ولا أحل حرامًا) حرمه الله تعالى، قال النووي: أي لا أقول شيئًا يخالف حكم الله فإذا أحل شيئًا لم أحرمه وإذا حرمه لم أحله ولم أسكت عن تحريمه لأن سكوتي تحليل له ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت نبي الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله اهـ منه (ولكن والله) أي أقسمت بالإله الذي لا إله غيره (لا تجتمع بنت رسول الله) صلى الله عليه وسلم (وبنت عدو الله مكانًا واحدًا) أي في مكان واحد أي في عصمة رجل واحد، وقوله:(أبدًا) ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان متعلق بقوله: لا تجتمع.
قال القرطبي: قوله: (لست أحرم حلالًا) .. إلخ صريح في أن الحكم بالتحليل والتحريم من الله تعالى، وإنما الرسول مبلغ ويستدل به في منع اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام وفي منع جواز تفويض الأحكام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا حجة فيه لأن اجتهاد المجتهد لا يوجب الأحكام ولا ينشئها وإنما هو مظهر لها ويفيد هذا أن حكم الله على علي وعلى غيره التخيير في نكاح ما طاب من النساء إلى الأربع ولكن النبي صلى الله عليه وسلم إنما منع عليًّا من ذلك لما خاف على ابنته من المفسدة في دينها من ضرر عداوة تسري إليها فتتأذى في نفسها فيتأذى النبي صلى الله عليه وسلم بسببها وأذى النبي صلى الله عليه وسلم حرام فيحرم ما يؤدي إليه، ففيه القول بسد الذرائع وإعمال الصالح وأن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من حرمة غيره، وتظهر فائدة ذلك بأن من فعل منا فعلًا يجوز له فعله لا يمنع منه وإن تأذى بذلك الفعل غيره وليس ذلك حالنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بل يحرم علينا مطلقًا فعل كل شيء يتأذى به النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان في أصله مباحًا لكنه إن أدى إلى أذى النبي صلى الله عليه وسلم ارتفعت الإباحة ولزم التحريم، وفيه ما يدل على جواز غضب الرجل لابنته وولده وحرمه وعلى الحرص في دفع ما يؤدي لضررهم إذا كان ذلك بوجه