فلما أجابت بأنه دحية الكلبي لم يخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حقيقته اكتفاء بما كان يريد بيانه في الخطبة عن قريب، حالة كونه صلى الله عليه وسلم (يخبر خبرنا) أي يخبر لنا خبر جبريل أي خبر مجيئه عنده وتحدثه معه، قال القاضي عياض: كذا للعذري وهو تحريف، وعند الكسائي (يخبر خبر جبريل) وهذا هو الصواب بدليل سياق الحديث وعلى هذا الصواب ذكره البخاري (أو) قالت أم سلمة (كما قال) الراوي عنها يعني أسامة بن زيد مثل (يخبر خبر جبريل) أو (يقص قصة جبريل) والشك من أبي عثمان فيما قال أسامة بن زيد، قوله: (فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "من هذا؟ قالت: هذا دحية) قال النووي: فيه منقبة عظيمة لأم سلمة وجواز رؤية الملائكة على صور الآدميين ولكن لا يعلمون أنهم ملائكة لأنهم لا يقدرون على رؤيتهم في صورهم الأصلية وكان صلى الله عليه وسلم يراه في صورة دحية ورآه على صورته الأصلية مرتين، وفيه أن الله تعالى يجعل صور الملائكة متى شاء في أي صورة شاء وإنما كان يراه في صورة الإنسان ليأنس به ولا يهوله عظم خلقه، قال القرطبي: وقد تقدم القول في تمثل الملاثكة والجن في الصور المختلفة وأن لهم في أنفسهم صورًا خلقهم الله تعالى عليها وأن الإيمان بذلك كله واجب لما دل عليه من السمع الصادق، وكان دحية بن خليفة الكلبي رجلًا حسن الصورة فلذلك تمثل بصورته جبريل - عليه السلام -؛ وهو دحية بن خليفة بن فروة الكلبي، وكان من كبار الصحابة لم يشهد بدرًا وشهد أحدًا وما بعدها، وبقي إلى خلافة معاوية وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر في سنة ست من الهجرة فآمن قيصر وأبت بطارقته أن تؤمن، فأخبر دحية بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ثبت ملكه" رواه البيهقي في الدلائل [٦/ ٣٢٥].
(قال) سليمان التيمي: (فقلت لأبي عثمان) النهدي: (ممن سمعت هذا) الحديث (قال) أبو عثمان سمعته (من أسامة بن زيد) رضي الله عنهما.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في فضائل القرآن باب كيف نزل الوحي وأول ما نزل [٤٩٨٠] وفي الأنبياء باب علامات النبوة في الإسلام [٣٦٣٤].
قوله:(فقال: فقلت لأبي عثمان) القائل سليمان بن طرخان والد المعتمر الذي