إذا دعت إلى ذلك ضرورة وليس من مدح الرجل نفسه والإعجاب بها (قال شقيق) بن سلمة بالسند السابق: (فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم) ومجتمعهم وفيهم ابن مسعود يقول ذلك الكلام (فما سمعت أحدًا) منهم (يرد ذلك) الكلام (عليه) أي على ابن مسعود وينكره (ولا يعيبه) عليه، من عاب الشيء من باب باع إذا عده معيبًا أي عيبًا. قوله:(حلق) بفتح الحاء واللام ويقال: بكسر الحاء وفتح اللام، وقال الحربي: بفتح الحاء وإسكان اللام جمع حلقة كتمر وتمرة اهـ نووي، وقال القرطبي: والحلق بفتح الحاء واللام جمع حلقة بفتحهما على ما حكاه يونس عن أبي عمرو بن العلاء، وقال أبو عمرو الشيباني: ليس في الكلام حلقة بالتحريك إلا في قولهم هؤلاء قوم حلقة للذين يحلقون الشعر جمع حالق، وقال الجوهري: الحلقة للدروع بالسكون وكذلك حلقة الباب وحلقة القوم والجمع الحلق على غير قياس اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في فضائل القرآن باب القراءة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [٥٠٠٠]، والنسائي في الزينة باب الذؤابة [٥٠٦٣ و ٥٠٦٤].
والحاصل أن سبب قول ابن مسعود (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) أن عثمان رضي الله عنه أمر بكتابة المصاحف على طريقة زيد وأمر بجمع المصاحف كلها وإحراقها إلا ما وافق هذه الطريقة الواحدة وكان ابن مسعود رضي الله عنه خالفه في ذلك وأبي أن يدفع مصحفه إليه بعذر أنه كتبه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم موافقًا لما سمعه منه صلى الله عليه وسلم فزعم أنه أمانة عنده وتغييره إلى الرسم العثماني لا يجوز، ولو أخفى أحد مصحفه عن عثمان رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين فإن غايته أن يكون غلولًا وقد قال الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ومقتضى هذه الآية أن من غل مصحفه أي أخفاه عن الإمام جاء به يوم القيامة ولا ملامة على من يأتي يوم القيامة بمصحفه الذي كتبه بعد السماع من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وقع هذا السبب صريحًا فيما أخرجه أحمد ابن أبي داود من طريق خُمير بن مالك عن ابن مسعود رضي الله عنه ولفظه (لما أمر بالمصاحف أن تُغيّر ساء ذلك عبد الله بن مسعود فقال: من