شعر "على لسان أحد بعدي" أي غيري ومراده أني تيقنت بأن ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس شعرًا وكذلك لا يستطيع أحد غيري أن يجعله شعرًا وإن ذلك لا يلتثم على لسانه.
قال القرطبي قوله "على لسان أحد بعدي أنه شعر" هكذا الرواية عند جميع الشيوخ "بعْدي" بالباء الموحدة والعين المهملة بمعنى غيري يقال ما فعل هذا أحد بعدك أي غيرك كما يقال ذلك في "دون" وهو كثير فيهما ومعنى الكلام أنه لما اعتبر القرآن ووازنه بأنواع بحور الشعر تبين له أنه ليس من الشعر ثم قطع بأنه لا يصح لأحد أن يقول إنه شعر اهـ من المفهم (والله) أي أقسمت بالله سبحانه (إنه) أي إن ذلك الرجل (لصادق) فيما يقوله من إثبات التوحيد ونفي الشرك ودعوى الرسالة (وإنهم) أي وإن الناس يعني أهل مكة (لكاذبون) فيما يقولونه من أنه شاعر كاهن ساحر (قال) أبو ذر (قلت) لأخي أنيس (فاكفني) ما علي من خدمة الأم ومؤونة الصرمة أي كن كافيًا عني قائمًا به (حتى أذهب) إلى مكة (فانظر) ذلك الرجل وأعرف شأنه (قال) أبو ذر. (فأتيت مكة فتضعفت رجلًا منهم) أي من أهل مكة أي نظرت إلى أضعف من كان من أهل مكة لأسأله خبر هذا الرجل لأن الضعيف مأمون الغائلة غالبًا قال القرطبي "فتضعفت رجلًا منهم" أي رأيت رجلًا منهم ضعيفًا فعلمت أنه لا ينالني بمكروه ولا يرتابني في مقصدي قال الدهني فتضعفت أي نظرت إلى أضعفهم فسألته لأن الضعيف مأمون الغائلة غالبًا اهـ (فقلت له) أي لذلك الرجل الضعيف (أين هذا الذي تدعونه الصابئ) أي الخارج عندين آبائه (فأشار) ذلك الضعيف لقومه (إليّ فقال) لهم خذوا هذا (الصابئ) الذي يطلب صابئنا فقوله الصابئ منصوب على الإغراء يعني أن ذلك الرجل الضعيف الذي سألته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلي قائلًا خذوا هذا الصابئ (فمال عليّ) أي رجع واجتمع عليّ جميع (أهل الوادي) أي وادي مكة بالضرب (بكل مدرة) بفتحات أي بطين متحجر قال في المصباح المدر جمع مدرة