للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ أَتَيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "إِنَّهُ قَدْ وُجَّهَتْ لِي أَرْضٌ ذَاتُ نَخْلٍ. لَا أُرَاهَا إلا يَثْرِبَ. فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عنِّي قَوْمَكَ؟ عَسَى اللهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ". فَأَتَيتُ أُنَيسًا فَقَال: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. قَال:

ــ

مدة أراد الله بقائي فيها وأنا على تلك الحالة قال أبو ذر (ثم) بعد بقائي تلك المدة في مكة (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه) أي إن الشأن والحال (قد وُجّهت لي أرض) بالبناء للمفعول أي قد أُظهرت لي بالوحي في المنام جهة أرض (ذات نخل) وبساتين أي ذُهب بي إلى تلك الجهة وأريتها في المنام (لا أراها) بضم الهمزة وفتحها أي لا أظن تلك الأرض التي أريتها ولا أعلمها (إلا يثرب) وهذا كان اسم المدينة قديمًا سميت باسم أول من سكنها من العمالقة أو اليهود وكان أخا خيبر ساكن خيبر حتى قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره أن تسمى يثرب لأنه مأخوذ من التثريب وهو اللوم والتقبيح وسمّاها طابة وطيبة وورد حديث النهي عن تسميتها بيثرب (فهل أنت) يا أبا ذر (مبلّغ) نيابة (عنِّي قومك) دعوة الله إلى التوحيد ورفض الشرك (عسى الله) سبحانه أي لعل الله (أن ينفعهم) أي أن ينفع قومك بني غفار (بك) أي بسبب تبليغك الدعوة إليهم فيؤمنوا (و) أن (يأجرك) ويثيبك (فيهم) أي في تبليغ الدعوة إليهم.

قوله "لا أُراها إلا يثرب" أي لا أظنها إلا يثرب فيه دلالة إلى أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قد أُري مهاجره أرضًا ذات نخل من غير أن تسمى له في الوحي ولكنه فهم أنها أرض يثرب والمعنى أنه قد أوحي إليَّ أني سوف أهاجر إلى تلك الأرض ويكون المسلمون فيها آمنين قوله "فهل أنت مبلغ عنِّي" يعني ارجع إلى وطنك وادع قومك إلى الإسلام لأنه لا حاجة في إقامتك بمكة والمسلمون فيها مضطهدون فاغتنم هذا الوقت لحمل رسالة الإسلام ودعوته إلى قومك ثم ائتني إلى يثرب بعدما هاجرت إذا سمعت هجرتي إليها (فـ) ـعقب ما أمرني النبي صلَّى الله عليه وسلم بالرجوع إلى قومي (أتيت) أي جئت أخي (أنيسًا) في تلك الحضرة التي نزلنا فيها (فقال) لي أنيس (ما صنعت) أي أيَّ شيء صنعت في تأخرك عني قال أبو ذر (قلت) لأنيس الأمر الذي (صنعت) في تأخري عنك (أني قد أسلمت) أي قد دخلت في دين الإسلام (وصدّقت) الرجل في رسالته (قال)

<<  <  ج: ص:  >  >>