للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا.

قَال أَنَسٌ: وَاللهِ لَوْ حَدِّثْتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدِّثْتُكَ، يَا ثَابِتُ

ــ

له فأبطأت فيها (قالت) لي أمي (ما حاجته) صلَّى الله عليه وسلم التي بعثك فيها (قلت) لها (إنها) أي إن حاجته صلى الله عليه وسلم التي بعثني فيها (سر) من حوائج السر فلا ينبغي لي أن أفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل هذا السرَّ من حوائج نسائه (قالت) لي أمي إذًا (لا تحدثنَّ) يا ولدي (بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا) من الناس أنا ولا غيري (قال أنس) بالسند السابق (والله لو حدّثت به) أي بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحدًا) من الناس (لحدثتك) به (يا ثابت) لأنك من خواصّي وبطائني.

قال القرطبي: "وقول أنس رضي الله عنه أتى عليَّ رسول الله وأنا ألعب مع الغلمان" دليل على تخلية الصغار ودواعيهم من اللعب والانبساط ولا نضيق عليهم بالمنع مما لا مفسدة فيه وقوله "فسلّم علينا" دليل مشروعية السلام على الصبيان وفائدته تعليمهم السلام وتمرينهم على فعله وإفشاؤه في الصغار كما يفشى في الكبار وكتمان أنس سر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمّه دليل على كمال عقله وفضله وعلمه مع صغر سنه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء اهـ من المفهم.

قوله "إنها سر" قال بعض العلماء كأن هذا السر كان يختص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فلو كان من العلم ما وسع أنسًا كتمانه وقال ابن بطال الذي عليه أهل العلم أن السر لا يباح به إذا كان على صاحبه منه مضرة وأكثرهم يقول إنه إذا مات لا يلزم من كتمانه ما كان يلزم في حياته إلا أن يكون عليه فيه غضاضة وقال الحافظ بعد نقله كلام ابن بطال قلت الذي يظهر انقسام ذلك بعد الموت إلى ما يباح وقد يستحب ذكره ولو كرهه صاحب السر كأن يكون فيه تزكية له من كرامة أو منقبة أو نحو ذلك وإلى ما يكره مطلقًا وقد يحرم وهو الذي أشار إليه ابن بطال وقد يجب كأن يكون فيه ما يجب ذكره. كحق عليه كأن يعذر بترك القيام به فيرجى بعده إذا ذكر لمن يقوم به عنه أن يفعل ذلك اهـ منه وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد [٣/ ١٠٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>