قيس (كنت بالمدينة) في المسجد النبوي (في ناس) أي مع ناس (فيهم بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) منهم سعد بن مالك وابن عمر كما سيأتي في الرواية الآتية (فجاء رجل) من خارج المسجد (في وجهه) أي في وجه ذلك الرجل (أثر) أي علامة (من الخشوع) والتواضع لله تعالى (فقال بعض القوم) الجالسين في الحلقة بعضهم لبعض (هذا) الرجل الداخل علينا (رجل من أهل الجنة هذا رجل من أهل الجنة) بالتكرار مرتين للتأكيد (فصلّى) ذلك الرجل الداخل (ركعتين) تحتية المسجد حالة كونه (يتجوَّز) ويخفف (فيهما) أي في الركعتين (ثم خرج) من المسجد ذلك الرجل قال قيس (فاتبعته) أي صحبته حتى وصل إلى بيته (فدخل منزله) وسكنه (ودخلت) معه في سكنه (فتحدثنا) أي تحدثت أنا وهو ليحصل الإنس بيننا (فلما استأنس) ذلك الرجل بي أي حصلت مؤانسته بي (قلت له) أي لذلك الرجل (إنك لما دخلت) المسجد النبوي (من قبل) أي من قبل رجوعك إلى منزلك (قال رجل) من الجالسين في الحلقة في شأنك (كذا وكذا) أي قال فيك هذا الداخل رجل من أهل الجنة (قال) عبد الله بن سلام تعجبًا من مقالتهم فيه (سبحان الله) أي تنزيهًا لله من كل النقائص (ما ينبغي) ولا يليق (لأحد) من الناس (أن يقول ما لا يعلم) حقيقته أي قال عبد الله بن سلام ذلك إنكارًا لمقالتهم هذه فيه حيث قطعو له بالجنة فيحمل على أن هؤلاء بلغهم خبر سعد بن أبي وقاص بأن ابن سلام من أهل الجنة ولم يسمع هو ويحتمل أنه كره الثناء عليه بذلك تواضعًا وإيثارًا للخمول وكراهية للشهرة كذا في شرح النووي.
وذكر الحافظ احتمالًا ثالثًا وهو أنه لم ينكر على من عدّه من أهل الجنة وإنما أنكر على تعجب قيس بن عباد من قولهم فذكر أن مثل ذلك لا يبعد ولكن هذا التوجيه بعيد عن القلب ويظهر لي وجه رابع وهو أن القوم حين ذكروا كونه من أهل الجنة لم يستندوا في ذلك إلى نص وإنما ذكروا ذلك ككلام مبتدإ من عند أنفسهم فأنكر عليهم عبد الله بن