١٨]، وبغير ذلك وصار هذا الاستثناء كقوله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}[الفتح: ٢٧]، وقوله:"من أصحاب الشجرة أحد" هذه الشجرة هي شجرة بيعة الرضوان التي قال الله تعالى فيها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح: ١٨]، وكانت بالحديبية والمبايعون تحتها كانوا ألفًا وأربعمائة وقيل وخمسمائة كانوا بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت أو على أن لا يفروا على خلاف بين الرواة ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل مكة وكفى الله المؤمنين القتال وأحرز لهم الثواب وأثابهم فتحًا قريبًا ورضوانًا عظيمًا (قالت) حفصة (بلى) أي ليس الأمر كما قلت (يا رسول الله) بل يدخلونها وقولها بلى قول أخرجه منها الشهامة النفسية والقوة العمرية فإنه كانت بنت أبيها وهذا من نحو قول عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين أتصلي عليهم (فانتهرها) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي زجرها عن معارضتها عليه كلامًا زجرًا شديدًا وانتهار النبي صلى الله عليه وسلم لها تأديب لها وزجر لها عن بادرة المعارضة وترك الحرمة ولمَّا حصل الإنكار عليها صرّحت بالاعتذار (فقالت حفصة) ألم يقل الله سبحانه في كتابه المجيد {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا}[مريم: ٧١]، وحاصل ما فهمت من الآية أن الورود فيها بمعنى الدخول وأنها قابلت عموم قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة بعموم قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا}. وكأنها رجحت عموم القرآن فتمسكت به فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم بأن آخر الآية يبين المقصود.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد قال الله عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢)} [مريم: ٧٢]، أصله جثويًا مصدر جثا يجثو جثويًا وقع حالًا من الظالمين أي جاثين على الركب من هول ذلك الوقت أو من ضيق المكان اهـ من المبارق.
قال القرطبي وحاصل الجواب تسليم أن الورود دخول لكنه دخول عبور فينجو من اتقى ويترك فيها من ظلم وبيان ذلك أن جهنم أعاذنا الله منها محيطة بأرض المحشر