ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث جابر بحديث آخر لأنس رضي الله عنهما فقال:
٦٢٦٢ - (٢٤٩١)(٤٨)(حدثني أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعًا عن) إسماعيل بن إبراهيم الأسدي البصري المعروف بـ (ـابن علية) اسم أمه (واللفظ لزهير) قال زهير (حدثنا (سماعيل) بن إبراهيم بصيغة السماع (عن عبد العزيز وهو ابن صهيب) البناني البصري الأعمى ثقة من (٤) روى عنه في (٦) أبواب (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيانا ونساء) للأنصار (مقبلين) أي راجعين (من عُرس) أي من وليمة عرس وزواج (فقام نبي الله صلّى الله عليه وسلم ممثلًا) بضم الميم الأولى وسكون الثانية وكسر الثاء المثلثة وفتحها وذكر القاضي أن جمهور الرواة على فتح الثاء وهي في البخاري بالكسر ومعناهما قائمًا منتصبًا وعند الجياني وابن ماهان "مقبلًا" وللبخاري في كتاب النكاح "ممتنا" أي قام قيامًا قويًّا مأخوذ من المنة بضم الميم وتشديد النون وهي القوة أي قام إليهم مسرعًا مشتدًا في ذلك فرحًا بهم وفسره القرطبي بأنه من الامتنان لأن من قام له النبي صلى الله عليه وسلم وأكرمه بذلك فقد امتن عليه ووقع في رواية أُخرى ممتنًا بكسر التاء وتخفيف النون أي قام قيامًا طويلًا مستويًا منتصبًا والأشبه عندي الأول بدليل قوله في الآخر فمثل قائمًا يقال مثل يمثل مثولًا إذا انتصب قائمًا واسم الفاعل ماثل ولكنه يكون بمعنى ممثلًا وممثلًا معناه مكلفًا نفسه بذلك فعدّي فعله (قلت لا فيه القيام للمكرم كما في الآخر "قوموا لسيدكم" وسئل الشيخ عز الدين فقيل ما تقول أئمة الدين في هذا القيام الذي أحدثه الناس الآن ولم يكن في السلف فكتب قال صلى الله عليه وسلم "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا" فلو ترك القيام اليوم لأفضى إلى المقاطعة والمدابرة ولو قيل بوجوبه لم يبعد قال القرافي وهو ناظر لقول عمر بن عبد العزيز تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور فإنه لما احدثت هذه الأشياء وكان تركها يؤدي إلى المقاطعة المحرّمة تعارض مكروه ومحرم فيقدّم المكروه وهذه قاعدة الشرع.