المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الأنصار كرشي) بفتح الكاف وكسر الراء وبكسر الكاف وسكون الراء لغتان ككبد وكبد قال القاضي الكرش للإنسان كالحوصلة للطائر قال الخطابي ضرب مثل الأنصار بالكرش لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون به بقاؤه وهم كانوا كذلك للنبي صلى الله عليه وسلم (وعيبتي) بفتح العين وسكون الياء والعيبة وعاء معروف أكبر من المخلاة يحفظ الإنسان فيها ثيابه وفاخر متاعه ويصونها ضرب بها مثل الأنصار لأنهم أهل سرّه وخفي أحواله وتجمع العيبة على عيب كبدرة وبدر قال العلماء معناه هم جماعتي وخاصتي الذين أثق بهم وأعتمد عليهم في أموري وفي النهاية معنى هم عيبتي أي خاصتي وموضع سري والعرب تكني عن القلوب والصدور بالعياب لأنها مستوح السرائر كما أن العياب مستوح الثياب والعيبة معروفة ومنه الحديث "وإن بيتهم عيبة مكفوفة" أي بيتهم صدر نقي من الغل والخداع مطوي على الوفاء بالصُّلح اهـ (وإن الناس) غيرهم (يكثرون و) هم (يقلون) أي الأنصار يقلون (فاقبلوا من محسنهم) أي من محسن الأنصار حسناته (واعفوا عن مسيئهم) أي واسمحوا عن مسيء الأنصار إساءته قال الأبي الأظهر أنه يعني المباشرين لنصرته صلى الله عليه وسلم لا أبناءهم اهـ وقد جاء في صحيح البخاري بيان سبب هذا الحديث ولفظه "مرَّ أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال ما يبكيكم قالوا ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك قال فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ١٧٦] والبخاري في مناقب الأنصار باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم [٣٧٩٩ و ٣٨٠١].
ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي أُسيد رضي الله عنه فقال: