للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يتحالفون وذلك أن المتحالفين وإنا يتناصران في كل شيء حتى على الباطل والظلم فيمنع الرجل حليفه أي ينصره ويحفظه ولو كان ظالمًا ويقوم دونه ويدفع عنه بكل ممكن فيمنع الحقوق وينتصر به على الظلم والبغي والفساد وهذا هو المراد بالحلف المنفي في الحديث ولما جاء الشرع بالانتصاف من الظالم وأنه يؤخذ منه ما عليه من الحق ولا يمنعه أحد من ذلك وحدّ الحدود وبيَّن الأحكام أبطل ما كانت عليه الجاهلية من ذلك وبقي التعاقد والتحالف على نصرة الحق والقيام به وأوجب ذلك بأصل الشريعة إيجابًا عامًا على من قدر عليه من المكلفين وهذا هو المراد بالحلف المثبت في الحديث فلا تعارض بين حديث أنس وحديث جبير بن مطعم رضي الله عنهما ثم إنه صلى الله عليه وسلم خصّ أصحابه من ذلك بأن عقد بينهم حلفًا على ذلك مرتين كما تقدم تأكيدًا للقيام بالحق والمواساة وسمّى ذلك أخوَّة مبالغة في التأكيد والتزام الحرمة ولذلك حكم فيه بالتوارث حتى تمكن الإسلام واطمانت القلوب فنسخ الله تعالى ذلك بميراث ذوي الأرحام قوله "وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" يعني من نصرة الحق والقيام به والمواساة وهذا كنحو الفضول الذي ذكره ابن إسحاق قال اجتمعت قبائل من قريش في دار عبد الله بن جدعان لشرفه ونسبه فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها أو غيرهم إلا قاموا معه حتى ترد عليه مظلمته فسمّت قريش ذلك الحلف حلف الفضول أي حلف الفضائل والفضول هنا جمع فضل للكثرة كفلس وفلوس وروى ابن إسحاق عن ابن شهاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد شهدت على دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحبّ أن لي به حمر النعم ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت رواه البيهقي [٦/ ١٦٧] وقال ابن إسحاق تحامل الوليد بن عتبة على حسين بن عليّ في مال له لسلطان الوليد فإنه كان أميرًا على المدينة فقال له حسين أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذنّ سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعونَّ بحلف الفضول قال عبد الله بن الزبير وأنا أحلف بالله لئن دعاني لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينتصف من حقه أو نموت جميعًا وبلغت المسور بن مخرمة فقال مثل ذلك وبلغت عبد الله بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك فلمّا بلغ ذلك الوليد أنصفه اهـ من المفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>