حياته فلما سلم قام) على المنبر (فقال أرأيتكم) بفتح التاء لأنها ضمير المخاطب والكاف حرف خطاب والهمزة الأولى للاستفهام والرؤية بمعنى العلم أر البصر والمعنى أعلمتم أو أبصرتم (ليلتكم) بالنصب على المفعولية (هذه) بدلٌ منها والجواب محذوف تقديره قالوا نعم وترد "أرأيتكم" للاستخبار كما في قوله تعالى: {أَرَأَيتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ}[الأنعام: ٤٧] الآية أما هنا فمعناه ما ذكرناه أي قال لهم هل علمتم شأن هذه الليلة (فإن على رأس) وتمام (مائة سنة) مبدوءة (منها) أي من هذه الليلة (لا يبقى منها ممن هو على ظهر الأرض) الآن (أحد) قال النووي والمراد أن كل نفس منفوسة. كانت تلك الليلة على الأرض لا تعيش بعدها أكثر من مائة سنة سواء قل عمرها قبل ذلك أم لا وليس فيه نفي عيش أحد يوجد بعد تلك الليلة فوق مائة سنة ووقع الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإن أهل السير مجمعون على أنّ آخر من مات من الصحابة أبو الطفيل رضي الله عنه واختلفوا في تاريخ وفاته، قيل سنة مائة وقيل مائة واثنتين وقيل مائة وسبع وقيل مائة وعشر كما في الإصابة [٤/ ١٣٣] وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام في آخر شهر من حياته كما سيأتي في حديث جابر رضي الله عنه وكان ذلك سنة إحدى عشرة فلو أخذنا بآخر الأقوال في وفاة أبي الطفيل وهو سنة مائة وعشر فإنه لم يعش بعد هذا القول أكثر من مائة سنة قال ابن بطال إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه المدة تخرم الجيل الذي هم فيها فوعظهم بقصر أعمارهم وأعلمهم أن أعمارهم ليست كأعمار من تقدم من الأمم ليجتهدوا في العبادة ذكره الحافظ في فتح الباري [١/ ٢١٢](قال ابن عمر) رضي الله عنهما (فوهل الناس) بفتح الهاء وهلًا بسكون الهاء يقال وهَلَ يهل وهلًا من باب ضرب يضرب ضربا إذا غلط في معنى الشيء وذهب وهمه إلى غير الصواب وأما وهل بكسر الهاء من باب فرح فهو بمعنى الفزع فليس مرادًا هنا والمعنى هنا أي غلطوا (في) فهم معنى (مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك) الليلة (فيما يتحدثون) ويقولون (من هذه الأحاديث) أي في معناها وفي تعبيرهم (عن مالة سنة) أي أخطأ بعض الناس في فهم هذا الحديث فزعموا أن مراده صلى الله عليه وسلم