المدني رضي الله عنه (شيء) من المغاضبة والمخاصمة (فسبَّه) أي فسبّ عبد الرحمن (خالد) بن الوليد فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبّوا أحدًا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه) ومعنى (لا تسبوا) أي تشتموا أيها المسلمون بعد قرني (أصحابي) أي أهل قرني الذين ثبتت لهم صحبتي ورؤيتي وفي تحفة الأحوذي "قوله لا تسبوا أصحابي" الخطاب بذلك للصحابة لما ورد أن سبب الحديث أنه كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فالمراد بأصحابي أصحاب مخصوصون وهم السابقون على المخاطبين في الإسلام وقيل نزل الساب منهم لتعاطيه ما لا يليق به من السب منزلة غيرهم فخاطبه خطاب غير الصحابة حيث علم بنور النبوة تنزيلًا لهم منزلة الموجودين الحاضرين لتحقق وجودهم وقيل يقع منها الحديث للموجودين من العوام في ذلك الزمان الذين لم يصاحبوه صلى الله عليه وسلم ويُفهم خطاب من بعدهم بدلالة النص وقال السبكي: الظاهر أن المراد بقوله أصحابي من أسلم قبل الفتح وأنه خطاب لمن أسلم بعد الفتح ويرشد إليه قوله صلى الله عليه وسلم لو أنفق إلخ مع قوله تعالى: {لَا يَسْتَوي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} الآية لأن في قوله لو أنفق إشعارًا بأن المراد بقوله أولًا أصحابي مخصوصون وإلا فالخطاب كان للصحابة وقد قال "لو أن أحدكم أنفق" ومع ذلك نهى بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم عن سب من سبقه وذلك يقتضي زجر من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخاطبه عن سب من سبقه من باب الأولى. (فوالذي) أي فأقسمت لكم بالإله الذي (نفسي) وروحي (بيده لو أنّ أحدكم) أيها المؤخرون من الصحابة (أنفق) وصرف في الخيرات (مثل) جبل (أحد) المعروف في المدينة (ذهبًا) أي من جهة الذهب الذي هو من أنفس الأموال (ما أدرك) وفي رواية البخاري ما بلغ (مدّ أحدهم) أي أحد السابقين منهم أي ما بلغ أجر ذلك الذهب العظيم القدر أجر مد طعام أنفقه السابقون في الخيرات (ولا نصيفه) أي ولا نصف مد أحدهم والنصف فيه أربع لغات نصف بكسر النون وضمها وفتحها ونصيف بزيادة الياء كما يقال عشر وعشير وثمن وثمين وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ١١]