للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ. كَيفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا. ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَها إِلَيهِ تَدْعُوهُ. فَقَالتْ: يَا جُرَيجُ، أنَّا أُمُّكَ، كَلِّمْنِي، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي. فَقَال: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاتِي، فَاخْتَارَ صَلاتَهُ، فَرَجَعَتْ ثُمَّ عَادَتْ فِي الثَّانِيَةِ. فَقَالتْ: يَا جُرَيجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمْنِي. قَال: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاتِي. فَاخْتَارَ صَلاتَهُ

ــ

الله عليه وسلم) أي لوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم له صفة (أمه) وهيئتها (حين دعته) ونادته وقوله (كيف جعلت كفها فوق حاجبها) بدل اشتمال من أمه أي لوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه أي لوصفه كيف جعلت كفها فوق حاجبها وقوله (ثم رفعت رأسها إليه تدعوه) وتناديه معطوف على جعلت قال القاضي عياض فيه جواز حكاية الأحوال إذا لم تكن على وجه السخرية والمجون وكانت لبيان علم أر زيادة فائدة اهـ من الأبي وإنما احتاجت إلى رفع الرأس لأن جريجًا كان في صومعة وما كانت تتمكن من مخاطبته إلا عن طريق كوة أو نحوها ولعلها كانت فوقها بقليل فرفعت رأسها إليها وأما وضع كفها فوق حاجبها فلئلا يمنع ضوء الشمس وغيرها من رؤية ابنها في داخل الصومعة.

(قالت) في ندائه (يا جريج أنا أمك كلمني) بإجابة ندائي (فصادفته) في ندائها وهو (يصلِّي فقال) جريج حين سمع نداءها (اللهم) اجتمع عليّ (أمي وصلاتي) أي حق إجابة أمي وحق إتمام صلاتي إما أنه قال ذلك في نفسه دون أن ينطق بلسانه أو نطق هذه الكلمة لأن الكلام كان جائزًا في أثناء الصلاة في شريعتهم كما أنه كان جائزًا في ابتداء شريعتنا ثم نسخ (فاختار) إتمام (صلاته) على إجابتها (فرجعت) إلى بيتها (ثم عادت) إليه (في) المرة (الثانية فقالت يا جريج أنا أمّك فكلمني فقال اللهم أمّي وصلاتي فاختار صلاته) قال القاضي عياض ليس في الحديث أنه كان في صلاة فرض ولعل شرعه حرمة قطع النافلة فهو من تعارض فرضين البر ووجوب التمادي ولكن يمكن أن يخفف ويجيبها ولعله خشي أن تنزله من صومعته وتذهب به ليكون معها أو خشي أن مكالمتها يأنس بها من غير من انقطع إليه وتحل عزيمته فيما التزمه ولعل شرعه كان يوافق ذلك في عدم قطع الصلاة ولكن يبقى شيء آخر وهو أن البر فرض والعزلة وصلاة النافلة طول النهار ليست فرضًا والفرض مقدم فلعله غلط في إيثار العزلة والصلاة ولذلك أجاب الله سبحانه دعاءها عقابًا له اهـ من الأبي وقال القرطبي جريج كان عابدًا ولم يكن عالمًا إذ بأدنى نظر ترجح الإجابة لأن البر واجب وصلاة النفل ندب فلا تعارض يوجب إشكالًا فكان يجب عليه تخفيف صلاته أو قطعها وإجابة أمه لا سيما وقد تكرَّر إليه مجيئها وتشوقها واحتياجها

<<  <  ج: ص:  >  >>