إلى مكالمته وهذا كله يعين إجابتها ألا ترى أنه أغضبها بإعراضه عنها وإقباله على صلاته ويبعد اختلاف الشرائع في وجوب بر الوالدين وعند ذلك دعت فأجاب الله سبحانه دعاءها تأديبًا له وإظهارًا لكرامتها والظاهر أنها كانت فاضلة عالمة ألا تراها كيف تحرزت في دعائها فقالت اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات ولم تقل غير ذلك وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث ولو دعت عليه أن يفتن لفتن وهي أيضًا لو كظمت غيظها وصبرت لكان ذلك الأولى بها لكن لما علم الله صدق حالهما لطف بهما وأظهر مكانتهما عنده بما أظهر من كرامتهما ويستفاد من الحديث تأكد سعي الولد في إرضاء الأم واجتناب ما يغير قلبها واغتنام صالح دعوتها ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "الجنة تحت أقدام الأمهات" ذكره العجلوني في كشف الخفاء [١/ ٣٣٥] وقال رواه الخطيب في جامعه والقُضاعي في مسنده عن أنس ورواه الديلمي في مسند الفردوس [٢٦١١] وابن عدي في الكامل [٦/ ٢٣٤٧] أي من انتهى من التواضع لأمه بحيث لا يشق عليه أن يضع قدمها على خده استوجب بذلك الجنة والأولى في هذا الحديث أن يقال إنه خرج مخرج المثل الذي يقصد به الإغياء في المبرّة والإكرام وهو نحو من قوله صلى الله عليه وسلم "الجنة تحت ظلال السيوف" متفق عليه ورواه أبو داود أيضًا اهـ من المفهم.
(فقالت) أمه (اللهم إن هذا) الذي ناديته (جريج وهو ابني وإني كلمته فأبى أن يكلمني اللهم فلا تمته حتى تريه المومسات) أي الزواني البغايا المتجاهرات بذلك وهي جمع مومسة وهي الزانية المجاهرة وتجمع على مياميس أيضًا ووقع في هذه الرواية أنها أتته مرتين ودعت عليه في المرة الثانية ووقع في حديث عمران بن حصين أنها جاءته ثلاث مرات تناديه في كل مرة ثلاث مرات ومثبت الزيادة أولى بالتقديم (قال) النبي صلّى الله عليه وسلم ويحتمل كونه من كلام أبي هريرة (ولو دعت عليه) بـ (ـأن يفتن) بالوقوع في الزنا (لفتن) بوقوعه في الزنا إجابة لدعوتها يعني لو دعت أمه بالمواقعة على الزانية لواقع عليها ولكنها لم تدع عليه بالمواقعة لكونها فاضلة عالمة مشفقة عليه (قال) النبي صلى الله