للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. وَمَرُّوا بِهَذِهِ الأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَها ويقُولُونَ: زَنَيتِ. سَرَقْتِ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا. فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا".

قَال: إِن ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيتِ وَلَمْ تَزْنِ، وَسَرَقْتِ، وَلَمْ تَسْرِقْ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا

ــ

الولد (اللهم لا تجعلني مثله ومرُّوا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون) لها (زنيت سرقت فقلت اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت اللهم اجعلني مثلها) وأنت تعاكسني في كل ما قلت في الدعاء لك فما سبب هذا (قال) الولد (أن ذاك الرجل) الذي دعوت الله أن يجعلني مثله (كان جبارًا) قهارا على الناس متكبرا عن طاعة الله تعالى (فقلت) أنا لأجل ذلك (اللهم لا تجعلني) جبارًا (مثله وإن هذه الجارية) المجرورة المضروبة (يقولون لها زنيت و) الحال أنها بريئة (لم تزن و) يقولون لها (سرقت و) الحال أنها بريئة (لم تسرق فقلت) لأجل ذلك (اللهم اجعلني) بريئًا عندك من الذنب (مثلها).

قال القرطبي: والحاصل أن أمّ هذا الصبي الرضيع نظرت إلى الصورة الظاهرة فاستحسنت صورة الرجل وهيئته فدعت لابنها بمثل هذا واستقبحت صورة الأمة وحالتها فدعت أن لا يجعل الله ابنها في مثل حالتها فأراد الله تعالى بلفظه تنبيهها بأن أنطق لها ابنها الرضيع بما تجب مراعاته من الأحوال الباطنة والصفات القلبية وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم رواه أحمد [٢/ ٥٣٩] ومسلم [٢٥٦٤] (٣٤) وابن ماجه [٣١٤٣] وكما قال بعض حكماء الشعراء:

ليس الجمال بمئزر ... فاعلم وإن رديت بردا

إنَّ الجمال معادن ... ومناقب أورثن مجدا

وهذا الصبي ظاهره أن الله تعالى خلق فيه عقلًا وإدراكًا كما يخلقه في الكبار عادةً ففهم كما يفهمون ويكون خرق العادة في كونه خلق له ذلك قبل أوانه ويحتمل أن يكون أجرى الله ذلك الكلام على لسانه وهو لا يعقله كما خلق في الذراع والحصى كلامًا له معنى صحيح مع مشاهدة تلك الأمور باقية على جمادتها كل ذلك ممكن والقدرة صالحة والله تعالى أعلم بالواقع منهما فأما عيسى - عليه السلام - فخلق الله له في مهده ما خلق

<<  <  ج: ص:  >  >>