٦٣٥٦ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة جرير لأبي عوانة (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه) ثلاثًا (قيل) له صلى الله عليه وسلم (منْ) الذي رغم أنفه (يا رسول الله قال من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة) قال القرطبي قوله "رغم أنفه ثم رغم أنفه" إلخ يقال رغم بكسر الغين وفتحها لغتان رغما بفتح الراء وكسرها وضمها ومعناه لصق بالرغام بفتح الراء وهو التراب وأرغم الله أنفه أي ألصقه وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم دعاء مؤكد على من قصر في برّ والديه ويحتمل وجهين أحدهما أن يكون صرعه الله لأنفه فأهلكه وهذا إنما يكون في حق من لم يقم بما يجب عليه من برِّهما. وثانيهما أن يكون أذله الله لأن من ألصق أنفه الذي هو أشرف أعضاء الوجه بالتراب الذي هو موطئ الأقدام وأخس الأشياء فقد انتهى من الذل إلى الغاية القصوى وهذا يصلح أن يدعى به على من فرَّط في متأكدات المندوبات ويصلح لمن فرَّط في الواجبات وهو الظاهر وتخصيصه عند الكبر بالذكر وإن كان برهما واجبًا على كل حال إنما كان ذلك لشدة حاجتهما إليه وضعفهما عن القيام بكثير من مصالحهما وليبادر الولد اغتنام فرصة برهما لئلا تفوته بموتهما فيندم على ذلك "وقوله أحدهما أو كليهما" كذا الروايات الصحيحة بنصب أحدهما وكليهما لأنه بدل من والديه المنصوب بأدرك وقد وقع في بعض النسخ "أحدهما أو كلاهما" مرفوعين على الابتداء ويتكلف إضمار الخبر والأول أولى وقوله "ثم لم يدخل الجنة" معناه دخل النار لانحصار منزلتي الناس في الآخرة بين جنة ونار كما قال: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير}[الشورى: ٧] فمن قيل فيه لم يدخل النار منهم إنه في الجنة وبالعكس وأو المذكورة هنا للتقسيم ومعناه أن المبالغة في برّ أحد الأبوين عند عدم الآخر يدخل الولد الجنة كالمبالغة في برّهما معًا ويعني بهذه المبالغة المبرّة