للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُموا، وَلَا تَنَافَسُوا،

ــ

الخاطر والهاجس مثلًا قال الخطابي إن المحرم من أحاديث النفس الظن وهو ما يستمر عليه صاحبه ويتفرق قلبه دون ما يعرض على القلب ولا يستقر فيه كالخاطر والشك والوهم اهـ من الدهني بتصرف وزيادة قال الحافظ في الفتح [١/ ٤٨٢] أمَّا وصف الظنِّ بكونه أكذب الحديث مع أن تعمّد الكذب الذي لا يستند إلى ظنَّ أصلًا أشد من الأمر الذي يستند إلى الظن فللإشارة إلى أن الظن المنهي عنه هو الذي لا يستند إلى شيء يجوز الاعتماد عليه فيكون الجازم كاذبًا وإنما صار أشد من الكذب لأن الكذب في أصله مستقبح مستغنىً عن ذمه بخلاف هذا فإن صاحبه بزعمه مستند إلى شيء فوصف بكونه أشد الكذب مبالغة في ذمة والتنفير عنه دماشارة إلى أن الاغترار به أكثر من الكذب المحض لخفائه غالبًا ووضوح الكذب المحض ويحتمل أيضًا أن يكون المراد من الحديث حديث النفس وهو الحديث الذي يدور في القلب وهو على أقسام كالهاجس والخاطر والوهم والشك والتردد وما كان منه بدون اختيار الإنسان فهو معفو عنه وإن كان كاذبًا أما الظن الممنوع فهو ما يجزم به المرء بدون تحقق ويتهم به غيره فهو أشد من حديث النفس الذي لا يجزم وبالنظر إلى هذه الجهة وصف بكونه أكذب الحديث ويحتمل أن المراد بالحديث هو الكلام وبالظن التهمة الملفوظة المبنية على الظن فكأنه صلَّى الله عليه وسلم قال إن اتهام رجل مسلم بدون تحقيق هو أشد من الكلام الكاذب الذي لا تهمة فيه لأحد فإنه لا ضرر فيه لمسلم بخلاف التهمة فإنها تجمع بين أمرين الكذب وإضرار الرجل الآخر والله أعلم. (ولا تحسّسوا) بحذف إحدى التاءين مع الحاء المهملة أي لا تبحثوا بحواسّكم الخمسة من العين والأذن والشم والذوق واللمس عمّا لا يدرك إلا بها كالبحث عن رائحة الخمر بالشم وطعمها بالذوق وعن صوت الملاهي والمزامير بالسمع مثلًا (ولا تجسّسوا) بحذف إحدى التاءين مع الجيم وهو البحث عن بواطن الأمور وأكثر ما يكون في الشر ومنه الجاسوس وهو صاحب سر الشر أي لا تبحثوا عن معايب الناس وعوراتهم بعقولكم وأفكاركم وبحواسكم وعطفه على ما قبله من عطف العام على الخاص وقيل من عطف المرادف للتأكيد والمراد لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتّبعوها ورُوي عن يحيى بن أبي كثير أن المراد من التجسس بالجيم البحث عن عوراتهم وبالتحسس بالحاء استماع حديث القوم وقيل بالجيم البحث عن بواطن الأمور وبالحاء البحث عما يدرك بالحواس الظاهرة ورجّحه القرطبي والنهي عنهما إذا لم يتعينا طريقًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قاله الحافظ في الفتح. (ولا تنافسوا) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>