للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي، كلُّكُمْ جَائِعٌ إلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا. فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتنْفَعُونِي. يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ

ــ

(فاستهدوني) أي فاطلبوا مني الهداية (أهدكم) أي أوفقكم طريق الهداية (يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته) أي إلا من رزقته الطعام (فاستطعموني) أي فاطلبوا مني الإطعام (أطعمكم) أي أرزقكم الطعام (يا عبادي كلكم عار) أي عارون من اللباس والستر (إلا من كسوته) أي إلا من رزقته الكسوة (فاستكسوني) أي فأطلبوا مني الكسوة (أكسكم) أي أعط لكم الكسوة.

قال القرطبي: وحاصل معنى قوله عزّ وجلّ "كلكم ضال إلا من هديته وكلكم جائع وكلكم عار" التنبيه على فقرنا وعجزنا عن جلب منافعنا ودفع مضارّنا بأنفسنا إلا أن ييسر الله ذلك لنا بأن يخلق ذلك لنا ويعيننا عليه ويصرف عنا ما يضرنا وهو تنبيه على معنى قوله "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" كما رواه الطبراني في الكبير [٢١/ ٣٦٤] ومع ذلك فقال في آخر الحديث يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ومن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه تنبيهًا على أن عدم الاستقلال بإيجاد الأعمال لا يناقض خطاب التكليف بها إقدامًا عليها وإحجامًا عنها ونحن وإن كنا نعلم أن لا نستقل بأفعالنا نحس بوجدان الفرق بين الحركة الضرورية والاختيارية وتلك التفرقة راجعة إلى تمكن محسوس وتأت معتاد يوجد مع الاختيارية ويفقد مع الضرورية وذلك هو المعبر عنه بالكسب وهو مورد التكليف فلا تناقض ولا تعنيف اهـ من المفهم.

(يا عبادي إنَّكم تخطئون) وتذنبون (بالليل والنهار) أي فيهما (وأنا أغفر الذنوب جميعًا) أي كلها (فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضُرّي) أي درجته (فتضرُّوني) بمعاصيكم (ولن تبلغوا) درجة (نفعي فتنفعوني) بطاعتكم "قوله إنكم تخطئون" قال النووي الرواية المشهورة تخطئون بضم التاء ورُوي بفتحها وفتح الطاء يقال خطئ يخطأ إذا فعل ما يأثم به فهو خاطئ ومنه قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} ويُقال في الإثم أيضًا أخطأ فهمًا صحيحان اهـ منه (يا عبادي لو أن أولكم

<<  <  ج: ص:  >  >>