وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على) تقوى (أتقى قلب رجل واحد منكم) وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (ما زاد ذلك) الذي كنتم عليه من التقوى (في ملكي شيئًا) لأنّي غني عن عبادتكم وتقواكم (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على) فجور (أفجر) وأقسى (قلب رجل واحد منكم) وهو إبليس اللعين (ما نقص ذلك) الذي كنتم عليه من الفجور.
(من ملكي شيئًا يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم قاموا) اجتمعوا (في صعيد) وفضاء (واحد فسألوني) حوائجهم الجمّة المختلفة (فأعطيت كل إنسان) منكم (مسألته) أي مسؤوله (ما نقص ذلك) الذي أعطيتهم (مما عندي) من خزائن الرزق (إلا كما ينقص) أي إلا مثل ما ينقص (المخيط) أي الإبرة من ماء البحر (إذا أُدخل) ذلك المخيط في ماء البحر أي إلا قدر ما يعلق بالمخيط من بلل الماء قال النووي قال العلماء هذا تقريب إلى الأفهام ومعناه لا ينقص شيئًا أصلًا كما قال في الحديث الآخر "لا يغيضها نفقة" لأن ما عند الله تعالى لا يدخله نقص وإنما يدخل النقص المحدود الفاني وعطاء الله تعالى من رحمته وكرمه وهما صفتان قديمتان لا يتطرق إليهما نقص فضرب المثل بالمخيط في البحر لأنه غاية ما يضرب به المثل في القلة والمقصود التقريب إلى الأفهام بما شاهدوه فإن البحر من أعظم المرئيات عيانًا وأكبرها والإبرة من أصغر الموجودات مع أنها صقيلة لا يتعلق بها ماء اهـ منه وعبارة الدهني وهذا تمثيل للتقريب إلى الأفهام وليس على حقيقته فكيف والبحر محدود ومتناه وينفد وما عنده سبحانه غير محدود ولا متناهٍ ولا ينفد اهـ. (يا عبادي إنما هي) أي القصة لأن ضمير الشأن إذا أُنث يعبر بالقصة وإذا ذكر يعبر بالشأن (أعمالكم) مبتدأ خبره جملة قوله (أُحصيها) وأضبطها (لكم) بقلم الحفظة في الدنيا أي جزاء لكم عليها والجملة الاسمية مفسرة لضمير القصة