للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيسَ لَهُ فَلَيسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالكُفْرِ، أَوْ قَال:

ــ

عكس ما في الحديث وهو أن ينسب الرَّجل إلى نفسه غير ولده، فيحتمل أنَّه من الباب ويحتمل أن لا.

لأن ما في الحديث عقوق والعقوق كبيرة، وكان لبعض ذوي الخطط ربيب فكان يُناديه يا ولدي، فكان معاصروه يعدونها من مُجَرِّحاته.

(ومن ادعى) وجعل لنفسه (ما ليس) حقًّا وثابتًا (له) في الحقيقة، ونسبه إلى نفسه من كل شيء سواء تعلق به حق لغيره أم لا، فيشمل من ادعى علمًا لا يحسنه أو يرغب في خطة ومرتبة لا يستحقها وكل ذلك يعده العلماء مما يجرح في الرواية (فليس منا) أي فليس ذلك المدعي من أهل هدينا وملتنا وشريعتنا فقد كفر وخرج بذلك عن ملتنا وديننا إن استحل ذلك أو ليس عمله من عمل أهل ديننا، فهو كاذب يُعاقب إن لم يستحل ذلك، فيكون كقول الرَّجل لولده إذا أساء لست ابني (وليتبوأ) أي وليتخذ (مقعده) أي مقره ومنزله (من النَّار) الأخروية، وهذا دعاء عليه أو خبر بلفظ الأمر، وهو أظهر القولين فيه، أي يكون مقعده ومنزله من النَّار مخلدًا فيها إن استحل ذلك أو هذا جزاؤه إن جُوزي على ذلك إن لم يستحل لأنه يجازى عليه إن لم يُغفر له، وقد يُعفى عنه، وقد يُوفق للتوبة فيسقط عنه ذلك.

وفي هذا الحديث تحريم دعوى ما ليس له مالًا كان أو علمًا أو جاهًا أو منقبة أو صلاحًا، وفيه أنَّه لا يحل له أن يأخذ ما حكم له الحاكم بدعواه الكاذبة.

وعبارة القرطبي هنا قوله: "من ادعى ما ليس له فليس منا" ظاهره التبري المطلق، فيبقى على ظاهره في حق المستحل لذلك على ما تقدم، ويُتأول في حق غير المستحل بأنه ليس على طريقة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعلى طريقة أهل دينه، فإن ذلك ظلم، وطريقة أهل الدين العدل وترك الظلم، ويكون هذا كقوله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب" رواه البُخَارِيّ ومسلم والتِّرمذيّ والنَّسائيّ، ويقرب منه قوله صلى الله عليه وسلم "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" رواه التِّرْمِذِيّ والنَّسائيّ، وقوله (ومن دعا رجلًا بالكفر) على تقدير النفي ومن الزائدة ليصح الاستثناء الآتي، والتقدير أي وما من أحد دعا ونادى رجلًا بالكفر بأن قال له: يَا كافر (أو قال) له يَا

<<  <  ج: ص:  >  >>