وعلامة جره الياء لأنه من جمع المذكر السالم الجار والمجرور متعلق بالياء لأنها نائبة عن أدعو أو أنادي فهي بمنزلة الفعل وقيل اللام زائدة ومعناه أدعو المهاجرين وأستغيث بهم (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) من خيمته عليهم (فقال ما هذا) النداء الذي يستغيث به بعضكم على بعض أتنادون وتدعون (دعوى أهل الجاهلية) قال النووي تسميته صلى الله عليه وسلم ذلك دعوى الجاهلية هو كراهة منه لذلك فإنه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا ومتعلقاتها وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل فجاء الإسلام بإبطال ذلك وفصل القضايا بالأحكام الشرعية اهـ منه فكل مظلوم ينصر سواء كان من قبيلة الناصر أو غيرها وسيأتي أن ذلك وقع في غزوة المريسيع (قالوا) أي قال الحاضرون من الصحابة (لا) ندعوا دعوى الجاهلية (يا رسول الله) فالمراد أن معظم الحاضرين لم يتأثروا بهذه الدعوة ولم يرجعوا إلى عصبية الجاهلية (إلا) أي لكن (أن غلامين) المهاجريّ والأنصاري (اقتتلا) وتضاربا (فكسع) أي ضرب (أحدهما) أي أحد الغلامين (الآخر) أي ضرب وبره وعجيزته بيد أو رجل أو سيف أو غيره اهـ دهني والضرب بهذا كان يعد إهانة شديدة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلا بأس) ولا ضرر ولا حرج إذا أي إذا كان الأمر كما قلتم يعني لم يحصل من هذه القصة بأس مما كنت خفته فإنه خاف أن يكون حدث أمر عظيم يوجب فتنة وفسادًا وليس هو عائدًا إلى رفع كراهة الدعاء بدعوى الجاهلية كذا في النووي (ولينصر الرجل) منكم (أخاه) في الدين (ظالمًا) كان ذلك الأخ (أو مظلومًا) وقد ذكر الحافظ في الفتح [٥/ ٩٨] عن المفضل الضبي في كتابه الفاخر أن أولّ من قال انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم وأراد بذلك ظاهره وهو ما اعتادوه من حمية الجاهلية لا على ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم وفيه يقول شاعرهم:
إذا أنا لم أنصـ ... ـر أخي وهو ظالم
على القوم لم أنصر ... أخي وهو يظلم
فكان هذا القول أي "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" شعار العصبية الجاهلية التي