تحث على نصر أهل قبيلته سواء كانوا ظالمين أم لا فاختار النبي صلَّى الله عليه وسلم نفس الكلام ولكن فسّره على ما يناقض العصبية وفيه غاية الوجازة والبلاغة ثم بين كيفية نصره في الحالتين بقوله:(أن كان) ذلك الأخ (ظالمًا) لغيره (فلينهه) أي فلينه الأخ الناصر الأخ الظالم عن ظلمه وليزجره عنه (فإنّه) أي فإن نهيه عن ظلمه (نصر له) في الحقيقة على الشيطان وهوى النفس لأنه بارتكاب الظلم يجعل نفسه موردًا للعقاب الشديد وكفه عن ذلك وقاية له عنه فكان نصرًا له ومنّا عليه (وإن كان) ذلك الأخ (مظلومًا فلينصره) على دفع الظالم عنه وقوله صلى الله عليه وسلم "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا هو من الكلام الوجيز البليغ الذي قل من يأتي بمثله وأو فيه للتنويع اهـ أبي.
قال القرطبي:"قوله كَسَعَ رَجَلٌ" إلخ في الصحاح الكسع أن تضرب دبر الإنسان بيدك أو بصدر قدمك يقال اتّبع فلان أدبارهم يكسعهم بالسّيف مثل يكسؤهم أي يطردهم ومنه قول أبي شبل الأعرابي:
كسع الشتاء بسبعة غبر ... أيّام شهلتنا من الشَّهر
ووردت الخيل يكسع بعضها بعضًا قوله:"انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" وهذا من الكلام البليغ الوجيز الذي قلّ من ينسج على منواله أو يأتي بمثاله وأو فيه للتنويع وإنما سمّى ردّ الظالم نصرًا لأن النصر هو العون ومنه قالوا أرض منصورة أي معانة بالمطر ومنع الظالم من الظلم عون له على مصلحة نفسه وعلى الرّجوع إلى الحق فكان أولى بأن يُسمّى نصرًا ولكن هذا اللفظ ليس في التلخيص ولا في صحيح مسلم بل هو عند أحمد [٣/ ٢٠١] وعند البخاري [٢٤٤٣ و ٣٤٤٤] والترمذي [٢٢٥٥] من حديث أنس بن مالك ودعوى أهل الجاهلية تناديهم عند الغضب والاستنجاد بقولهم يا آل فلان يا بني فلان وهي التي عنى بقوله: "دعوها فإنها منتنة" أي مستخبثة قبيحة لأنها تثير التعصب على غير الحق والتقاتل على الباطل ثم إنها تجر إلى النار كما قال "من دعا بدعوى الجاهلية فليس منا وليتبوأ مقعده من النار" رواه أحمد والترمذي وقد أبدل الله من دعوى الجاهلية دعوى المسلمين فينادى يا للمسلمين كما قال صلى الله عليه وسلم فادعوا بدعوى الله الذي سمّاكم المسلمين وكما نادى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن يالله يا لِلمسلمين فإذا دعا بها المسلم وجبت إجابته والكشف عن أمره على كل من سمعه فإن