رعل وذكوان حين قتلوا أصحاب بئر معونة فإما أن يكون قبل هذا الحديث وصار هذا الحديث كالنَّاسخ له وإليه مال القرطبي كما سيأتي وإما أن يكون في أسباب مخصوصة مستثناة من عموم هذا الحديث والله سبحانه أعلم.
قال القرطبي:"قوله إني لم أبعث لعَّانًا وإنما بعثت رحمة" كان هذا منه صلى الله عليه وسلم بعد دعائه على رعل وذكوان وعصية الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة فأقام النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو عليهم ويلعنهم في آخر كل صلاة من الصلوات الخمس يقنت بذلك حتى نزل عليه جبريل - عليه السلام - فقال "إن الله تعالى لم يبعثك لعَّانًا ولا سبَّابًا وإنما بعثك رحمة لهم ولم يبعثك عذابًا" ثم أنزل الله تعالى: {لَيسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران: ١٢٨]، رواه أبو داود في المراسيل رقم (٨٩) من حديث خالد بن أبي عمران والبيهقي [٢/ ٢١٠] وفي الصحيحين ما يؤيد ذلك ويشهد بصحته. وقوله:"إنما بعثت رحمةً" هذا كقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧]، أي بالرسالة العامّة والإرشاد للهداية والاجتهاد في التبليغ والمبالغة في النصح والحرص على إيمان الجميع وبالصبر على جفائهم وترك الدعاء عليهم إذ لو دعا عليهم لهلكوا وهذه الرحمة يشترك فيها المؤمن والكافر أمَّا رحمته الخاصّة فلمن هداه الله تعالى ونوّر قلبه بالإيمان وزيّن جوارحه بالطّاعة كما قال تعالى:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: ١٢٨]، فهذا هو المغمور برحمة الله المعدود في زمرة الكائنين معه في مستقر كرامته جعلنا الله منهم ولا حال بيننا وبينهم اهـ من المفهم.
ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة وهو من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبَّه بحديث عائشة رضي الله عنها فقال:
٦٤٥٦ - (٠٠)(٠٠)(حدَّثنا زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن الأعمش عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح مصغرًا الهمداني العطار الكوفي ثقة من (٤) روى عنه في (٦)(عن مسروق) بن عبد الرحمن، ويقال له ابن الأجدع، ابن مالك الهمداني أبي عائشة الكوفي ثقة فقيه مخضرم من (٢) روى عنه في (١٤) بابا (عن عائشة) رضي الله عنها وهذا السند من سداسياته (قالت) عائشة (دخل على رسول الله صلى