الله عليه وسلم رجُلان) لم أر من ذكر اسمهما (فكلَّماه) أي فكلَّم الرجلان رسول الله (بشيء) أي في شيء من الأشياء وأمر من الأمور قالت عائشة (لا أدري) ولا أعلم (ما هو) أي ما ذاك الشيء الذي كلّماه فيه أي لا أدري ولا أعلم جواب سؤال ما ذلك الشيء لخفائه عليّ (فأغضباه) أي فأغضب الرجلان رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكليمهما إيّاه (فلعنهما) النبي صلى الله عليه وسلم (وسبَّهما) أي شتمهما قالت عائشة (فلمَّا خرجا) أي فلما خرج الرَّجلان من عنده صلى الله عليه وسلم (قلت يا رسول الله من أصاب) ونال (من الخير) والدعاء (شيئًا) من عندك فمن مبتدأ والخبر محذوف تقديره فهو فائز ناج ولكن (ما أصابه) وما نافية والضمير في أصابه عائد إلى الخير أي ولكن ما أصاب الخير من عندك (هذان) الرجلان فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما ذاك) أي سبب ذاك القول الذي قلته لي (قالت) عائشة (قلت) له صلى الله عليه وسلم سبب قولي ذلك لأنَّك (لعنتهما وسببتهما) أي شتمتهما فـ (ـقال) لي النبي صلى الله عليه وسلم (أ) تقولين ذلك يا عائشة (وما علمت ما شارطت) أي ما علمت العهد الذي شارطت وعاهدت (عليه ربِّي) فإني (قلت) له (اللهم إنما أنا بشر) أغضب كما يغضب الناس (فأيُّ) أفراد (المسلمين لعنته أو سببته) لغضبي عليه (فاجعله) أي فاجعل ذلك اللعن والسب (له) أي لذلك الذي لعنته أو سببته (زكاةً) أي طهرةً من ذنوبه (وأجرًا) أي حسنة تكتب له وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم عن غيره من أصحاب الأمهات وغيرهم.
قوله "فلعنهما وسبَّهما" قال القرطبي: إن قيل كيف يتفق ذلك منه وهو صلى الله عليه وسلم معصومٌ في حالتي الغضب والرضا فأجابوا عن ذلك بأجوبة أسدُّها وأصوبها أنه صلى الله عليه وسلم إنما يغضب لمخالفة الشرع فغضبه هو لله تعالى وله أن يؤدب على ذلك بما شاء من سبَّ أو لعن أو جلد أو دعاء.