وسلم قال ألا) أي انتبهوا واستمعوا ما أُخبركم (أنبئكم) أي أخبركم جواب سؤالي (ما) معنى (العضه) أي ما الفاحش الغليظ التحريم أقول (هي) أي العضه (النميمة) والنميمة هي نقل كلام الناس من بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم قال النووي هذه اللفظة يعني العضه رُويت على وجهين أحدهما العضه بكسر العين وفتح الضاد المعجمة وبالتاء المنقلبة هاءً في الوقف على وزن العدة والزنة والثاني العضه بفتح العين وإسكان الضاد على وزن الوجه فأما الرواية الأولى فهي بمعنى القطعة قال المازري قيل من قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)} هو جمع عضة من عضيت الشيء أي فرقته فلعل تسمية النميمة عضة منه لأنها تفرّق بين الناس وعلى هذه الرواية أكثر الشرّاح وهي أصوب لأن العضة اسم وكذا النميمة اسم فصح تفسير الاسم بالاسم وأما الرواية التي هي بوزن الوجه فهو مصدر عضه من باب منع يقال عضهه يعضهه عضهًا إذا رماه بكذب وبهتان أو نم وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم العضه بالنميمة لأن النميمة لا تنفك عن الكذب والبهتان غالبًا والنميمة (القالة) أي المقالة التي تفرق وتفسد (بين الناس) والقالة مصدر سماعي لقال يقال قال قولًا وقالة وقيلًا ومقالًا وحقيقة النمية إفضاء السرّ وهتك الستر عما يكره كشفه بل كل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يكره فينبغي أن يسكت عنه إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أر دفع لمعصية كما إذا رأى من يتناول مال غيره فعليه أن يشهد به مراعاة لحق المشهود له فأما إذا رآه يخفي مالًا لنفسه فذكره فهو نميمة وإفشاء للسر فإن كان ما ينم به نقصًا وعيبًا في المحكيّ عنه كان قد جمع بين الغيبة والنميمة فالباعث على النميمة إما إرادة السوء للمحكي عنه أو إظهار الحبّ للمحكي له أو التفرج بالحديث والخوض في الفضول والباطل (وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل يصدق) أي يلازم الصدق ويواظب عليه (حتى يكتب) عند الله (صديقًا) أي مبالغًا في الصدق ومواظبًا عليه وهو صيغة مبالغة (ويكذبُ) أي يكثر الكذب ويلازمه (حتى يكتب) عند الله (كذابًا) أي كثير الكذب وملازمه وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.